فيستفاد منه حينئذ أصالة عدم الحكم بمال الانسان بغير قوله، وإن كان مدعيا، فضلا عما نحن فيه، مما هو مدعى عليه، اللهم إلا أن يقال إن ما فيه مبنى على أصالة الضمان في اليد، حتى يقوم خلافه، لا على الأصل المزبور الشامل للمقام، فلا يكون شاهدا له، وفيه بحث.
وعلى كل حال فقد يؤيد ما نحن فيه أيضا الخبر المتقدم (1) سابقا في مسألة استيفاء المرتهن الدين مما في يده إذا خاف جحود الوارث لو أقر بالرهانة، ضرورة ظهوره في أن القول قول الوارث مع الاقرار لا قوله، وإن كان المال في يده فلاحظ وتأمل.
كل ذلك مضافا إلى خصوص صحيح ابن مسلم (2) عن أبي جعفر عليه السلام (في رجل رهن عند صاحبه رهنا، فقال الذي عنده الرهن: ارهنته عندي بكذا وكذا، وقال الآخر: إنما هو عندك وديعة، فقال: البينة على الذي عنده الرهن أنه بكذا وكذا، فإن لم يكن له بينة فعلى الذي له الرهن اليمين) لكن حمله الشيخ على صورة النزاع في الدين، لا الرهن، فقال: إنما قال: عليه البينة على مقدار الدين الذي ارتهنه به، لا على أصل الرهن، وحينئذ فيمين المالك مع تعذر البينة على نفي الدين، ومقتضاه أن محل النزاع صوره الاتفاق على الدين، ولكن اختلفا في الرهانة عليه، والوديعة.
فلا يكون المحكي عن ابن حمزة - من التفصيل بين اعتبار صاحب المتاع بالدين فالقول قول الممسك وعدمه فالقول قول المالك - قولا ثالثا في المسألة منشؤه الجمع بين الصحيح المتقدم وبين خبر عبادة بن صهيب (3) قال: (سألت أبا عبد الله عليه السلام عن متاع في يد رجلين أحدهما يقول: استودعتكه، والآخر يقول هو رهن؟ فقال: القول قول الذي يقول أنه رهن عندي، إلا أن يأتي الذي ادعى أنه أودعه بشهود) وموثق ابن أبي يعفور (4) عن الصادق عليه السلام المتقدم صدره سابقا (قال: وإن كان الرهن أقل مما رهن به أو أكثر واختلفا، فقال أحدهما: هو رهن، وقال الآخر هو وديعة؟ قال:
على صاحب الوديعة البينة، فإن لم يكن بينة حلف صاحب الرهن).