حسناته وهذا من حسناته، فإن بقي عليه شئ أخذ من سيئاتهم، فيرد عليه، ثم صار إلى النار).
وعن القاموس: أفلس إذا لم يبق معه مال، فكأنما صارت دراهمه فلوسا، أو صار بحيث يقال: ليس معه فلس، وفلسه القاضي تفليسا، حكم بإفلاسه، قلت: لا ريب في أن أفلس بالمعنى الذي ذكروه، فيكون لازما، واسم الفاعل منها مفلس بالكسر، ولا يكون منها اسم مفعول. نعم فلس بالتشديد اسم مفعولها مفلس، والظاهر أن ما ذكره في القاموس أخيرا من جملة خبطه في المعاني، إذ الظاهر أنه أراد بذلك المعنى الشرعي، وعلى كل حال ففي العرف - الكاشف عن اللغة للأصل - أن المفلس بالكسر الفقير الذي لا مال له يعتد به عنده، والمفلس الذي ذهب جيد ماله وبقي معه الفلوس (و) ربما أطلق على الأول عرفا.
أما (المفلس) بالفتح شرعا، ولو على جهة المجاز أو الحقيقة المتشرعة أو الشرعية بناء على ثبوتها في مثله، ففي المتن (هو الذي جعل مفلسا، أي منع من التصرف في أمواله) وفي القواعد من عليه ديون، ولا مال له يفي بها، وهو شامل لمن قصر ماله ومن لا مال له، بناء على عدم استدعاء السالبة وجود الموضوع، وفي المسالك نسبة هذا التعريف إلى أكثر الفقهاء منا ومن العامة، عليه يكون المفلس ذلك، وإن لم يحجر عليه.
ويشهد له قولهم، لو مات المفلس قبل الحجر عليه لم تترتب الأحكام، وشرط الحجر على المفلس التماس الغرماء، وغير ذلك مما قيل إنه صار بسببها حقيقة، لكثرة الاستعمال، بحيث يبعد حمله على إرادة المجاز، وحينئذ يكون الفلس سابقا على الحجر ومغايرا له، وهو أحد أسبابه كما ذكروه، لا عينه ولا جزء مفهومه.
نعم قد يطلق التفليس على حجر الحاكم على المفلس، كما يقال: فلسه القاضي لكنه من باب إطلاق اسم السبب على المسبب، وحينئذ فلا مانع من اجتماع الفلس والصغر، كما إذا استدان الولي للصبي إلى هذه المرتبة، وكذا السفيه، ولا يمنع من ذلك عدم حجر الحاكم على الصبي المفلس، لأنه ليس بشرط في تحقق مفهومه شرعا،