وفي الوسيلة: وإن رهن حيوانا كان نفقته على الراهن، فإن أنفق عليه المرتهن كان له الرجوع على صاحبه ما لم ينتفع به، فإن انتفع به ولم ينفق رد قدر ما انتفع به، نحو ما في جامع الشرايع، كما قيل، إلا أن الأخيرين كما ترى لا صراحة فيهما بالخلاف، بل يمكن إرجاع كلامهما إلى ما عليه الأصحاب، فانحصر الخلاف حينئذ في النهاية التي هي متون أخبار، وليست كتاب فتوى، وفي أبي الصلاح الذي نقل لنا كلامه، وليس النقل كالعيان.
وعلى كل حال فمستندهما في ذلك صحيح أبي ولاد (1) (سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يأخذ الدابة أو البعير رهنا بماله أله أن يركبه؟ فقال: إن كان يعلفه فله أن يركبه، وإن كان الذي رهنه عنده يعلفه، فليس له أن يركبه،) وخبر السكوني (2) (عن جعفر عن أبيه عن آبائه عن علي عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
الظهر يركب إذا كان مرهونا، وعلى الذي يركب نفقته، والدر يشرب إذا كان مرهونا، وعلى الذي يشرب نفقته) الذين يمكن حملهما على مساواة الحقين، والإذن ولو للعادة، أو لأن رهنه مع عدم الانفاق قرينة على ذلك، ولا سيما إذا كان عدم الركوب والحلب مما يفسده، أو على غير ذلك.
بل لا بأس بطرحهما، بعد اعراض معظم الأصحاب عنهما بل في التذكرة (ليس للمرتهن الانتفاع بالرهن بدون إذن الراهن بلا خلاف) وفي السرائر (لا يجوز للمرتهن التصرف في الرهن على حال، للاجماع على أن الراهن والمرتهن ممنوعان من التصرف في الرهن) ومخالفتهما لقاعدة (عدم التصرف في مال الغير بغير إذنه) وقاعدة الضمان لما يتلفه المتلف، والرجوع بما عرفه على الوجه الشرعي، مضافا إلى عدم صراحتهما في المقابلة، ولا في منع المقاصة.
فمن الغريب بعد ذلك كله ما في الدروس من أن المشهور جواز الانتفاع، قال:
(ونفقة الرهن على الراهن لا على المرتهن، فإن أنفق متبرعا فلا رجوع، وإن كان بإذن الراهن، أو الحاكم عند تعذره أو اشهد عند تعذر الحاكم، رجع بها على الراهن،