(و) كيف كان ف (الأشبه) بأصول المذهب (الجواز) فيهما لحصول المقتضي الذي هو استجماع شرائط الرهن حال الرهانة، وعدم المانع، إذ لم يثبت مانعية حق الجناية عن البيع و نحوه، فضلا عن الرهانة، واحتمال القصاص والاسترقاق للكل أو البعض غير قادح، كما إذا جنى وهو رهن، إذ لا يعتبر في الاستيثاق نفي سائر الاحتمالات، بل قد يقال في مثل الجاني خطأ أنه إذا رهنه المولى التزم بفكه لأن الخيار بيده، فيكون ذلك منه اختيارا للفك، فلا إشكال حينئذ في الصحة، ومنه ينقدح وجه اختصاص المصنف التردد في العمد الذي يكون الخيار فيه لغير المولى.
وعلى كل حال فحق الجناية مقدم على حق الرهانة، تقدم أو تأخر بلا خلاف بل ولا إشكال، لتعلق حق الجناية بالرقبة، بحيث يذهب بذهابها، بخلاف حق الدين الذي وضع الرهن بسببه، فإن فك منها حيث يمكن الفك بقي حق الرهانة ثابتا وإلا بقي الفاضل عن حق الجناية رهنا إن لم يكن مستوعبا تمام الرقبة.
ولو أقر المرهون بالجناية وصدقه الراهن والمرتهن فكالجاني، بخلاف ما إذا صدقه الراهن خاصة، أما لو كان المصدق المرتهن ففي الدروس بطل الرهن، إلا أن يعفو المجني عليه أو يفديه أحد، أو يفضل منه فضل عن الجناية، ويحتمل بقاء الرهن، لعدم صحة اقرار المرتهن، واعتراف الراهن بالصحة.
قلت: لا ريب في ضعف الاحتمال حيث يكون للجاني الاسترقاق وقد استرق إذ صحة احتمال الرهن مع علم المرتهن بكونه مال الغير في غاية الضعف، كضعف احتمال رجوع المجني عليه على الراهن لو بيع الرهن لتكذيب المرتهن، وإن كان قد أخذ ثمنه عن دين الراهن الذي لم يقصر في الاقرار، وإن كان لم ينفذ على المرتهن.
نعم له دفعه إليه على جهة المقاصة، ولو قال الراهن: أعتقته أو غصبته أو جنى على فلان قبل أن أرهنه، حلف المرتهن على نفي العلم، وغرم الراهن للمقر له، للحيلولة، ولو نكل فالأقرب إحلاف المقر له، لأن الحق له، لا للراهن، لعدم