ولو علل بأن المنساق من القبض في مثله بعد فرص شمول دليل الشرطية له ذلك، لكان أولى، وإن كان فيه منع واضح أيضا، خصوصا بعد عدم تعذر الحقيقة، بأن يرجعه إلى صاحبه ثم يقبضه منه، أو يتوكل عنه في قبضه وإقباضه، فيكون كالموجب و القابل.
وأما الإذن فبناء على عدم اعتبار القبض السابق لكون الفرض أنه غصب، و على أنه شرط في مثل الفرض فالمتجه اعتبارها ليكون استدامة القبض مستندة إليها، فيتحقق القبض المأذون فيه بعد الرهانة ضرورة صدقه على الاستدامة لكن قد عرفت أن التحقيق عدم اعتبار القبض في مثل الفرض، ومن هنا اتجه القول باللزوم وإن لم يحصل إذن في الاستدامة، كما هو مقتضي اطلاق الأكثر الذين لم يفرقوا بين الوديعة والعارية، والمغصوب، في عدم اعتبار الإذن ومضي الزمان، بل لا خلاف محقق أجده في ذلك في الأولين.
نعم حكي في الدروس من الشيخ الحكم بأنه لا بد من مضي زمان يمكن فيه القبض منهما، ولعله يلزم ذلك في الثالث، إلا أنه لم نتحقق ما حكاه عنه، إذ المحكي عنه في المبسوط، والخلاف أنه قال: (إذا كان له في يد رجل مال وديعة، أو عارية، أو إجارة، أو غصبا فجعله رهنا عنده بدين له، كان الرهن صحيحا ويكون ذلك قبضا إذا أذن له الراهن في قبض عين الرهن) وزاد في الثاني (وإذا لم يأذن له لم يكن على كونه قبضا دليل) كما أنه حكى عن الأول في مسألة ما إذا أذن له وجن تم القبض و صح، وقد قيل: أنه لا يصح إلا بعد أن يأتي عليه زمان يمكن قبضه فيه.
والجميع كما ترى ليس فيه اشتراط مضي الزمان المعروف نقله عن الشافعي وإنما اقتصر على الإذن خاصة، من غير فرق بين المغصوب وغيره، ولعله لتحقق القبض المعتبر بها، إذ الاستدامة كالابتداء ولا يجدي القبض الأول أما في المغصوب فواضح، وأما في غيره فلأنه ليس قبض رهانة وإن كنا لم نشترط تعقب القبض للرهانة وهو جيد، بناء على اعتبار القبض في مثل الفرض لعدم تيقن حصول الشرط بغير ذلك.
نعم فيه ما ذكرنا سابقا من عدم الدليل على اشتراطه في هذا الحال. فيلزم بدونه