أما هو فيبقى على أصالة اللزوم في العقد، فيتحقق رهنه حينئذ، وهو على القبض الأول حتى أنه لو كان مضمونا بغصب، أو بيع فاسد، أو سوم، أو عارية مضمونة أو نحو ذلك بقي عليه، كما هو خيرة الأكثر، بل لا خلاف أجده إلا من الفاضل في القواعد، والمحكي عن يحيى بن سعيد، ولا تنافي بين رهنيته وضمانه بعد أن كان الضمان بسبب آخر غير الرهنية، كالتعدي في المرهون.
نعم يقوى ارتفاع الضمان بالإذن من الراهن في استدامة القبض للرهن، وفاقا لجماعة، بل عن حواشي الشهيد نفي الخلاف عنه، لانتقاض الحال الأول، بل هو شبه الوكالة في القبض عنه، ودعوى - ظهور دليل الضمان في مثل الغصب في عدم ارتفاعه إلا بالتأدية المعلوم انتفاؤها في المقام وإن أذن، فسبب الضمان الأول لم يرتفع، وإن أذن في الاستدامة وارتفع الإثم بذلك، بل لو صرح المالك باسقاط الضمان الذي هو مقتضى السبب الأول لم يسقط كما صرح به في القواعد، وجامع الشرايع والإيضاح، وحواشي الشهيد، وغاية المرام، وجامع المقاصد، على ما حكي عن بعضها، إذ هو ترتب شرعي والاسقاط كالابراء إنما يجدي في الحق الثابت في الذمة مثلا، وليس المقام منه قطعا، إذ لا شئ في الذمة حينئذ، لكون المراد من الضمان فيه أنه لو تلفت العين ضمن مثلها، ولا معنى لاسقاطه قبل حصوله، كما أنه لا معنى لاسقاط سببية السبب الذي جعل الشارع غاية ارتفاعه التأدية المعلوم انتفاؤها في المقام. - يدفعها أولا: منع عدم صدق التأدية على نحو ذلك، مع استناد اليد فيه إلى إذن المالك، وأنه من تصرفه فيه، فهو كما لو تاب الغاصب وطلب من المالك قبض ماله فقال له: ليبق عندك وديعة، وكما لو ارهن المالك مغصوبا عند غير الغاصب، وقد أذن للراهن في قبضه منه وقبضه، ودعوى - التزام الضمان في ذلك ونحوه - أيضا كما ترى يمكن أن يقطع بعدمه، وأنه ظلم واضح، فلعل المراد من التأدية في خبر الضمان ما يشمل مثل ذلك، لا أنه القبض الفعلي خاصة.
وثانيا ظهور كون المراد من الخبر ما إذا بقيت يد الضمان على حالها، لا ما إذا تغيرت وصارت يد أمانة مثلا، فيبقى حينئذ على أصالة البراءة التي لا يعارضها