أولا يتمكن من ذلك صلى إلى أي جهة شاء، وعلى هذا إذا كانوا جماعة وأرادوا أن يصلوا جماعة جاز أن يقتدوا بواحد منهم إذا تساوت حالهم في التباس القبلة فإن غلب في ظن بعضهم جهة القبلة وتساوى ظن الباقين جاز أيضا أن يقتدوا به لأن فرضهم الصلاة إلى أربع جهات مع الإمكان، وإلى واحدة منها مع الضرورة وهذه الجهة واحدة منها، ومتى اختلف ظنونهم وأدى اجتهاد كل واحد منهم إلى أن القبلة في خلاف جهة صاحبه لم يجز لواحد منهم الاقتداء بالآخر على حال، ومتى لزم جماعة الصلاة إلى أربع جهات لفقد الأمارات جاز أن يصلوا جماعة، ويقتدي كل واحد بصاحبه في الأربع جهات.
وإذا دخل غريب إلى بلد جاز له أن يصلي إلى قبلة البلد إذا غلب في ظنه صحتها فإن غلب أنها غير صحيحة وجب عليه أن يجتهد ويرجع إلى الأمارات الدالة على القبلة، ومتى فقد أمارات القبلة أو يكون ممن لا يحسن ذلك و أخبره عدل مسلم بكون القبلة في جهة بعينها جاز له الرجوع إليه.
والأعمى يجوز له أن يرجع إلى غيره في معرفة القبلة لأنه لا يمكنه معرفتها بنفسه، والمسافر يصلي الفريضة إلى القبلة لا يجوز له إلا ذلك، ولا يصلي على الراحلة مع الاختيار. فإن لم يمكنه ذلك جاز له أن يصلي على الراحلة غير أنه يستقبل القبلة على كل حال لا يجوز له غير ذلك.
وأما النوافل فلا بأس أن يصليها على الراحلة في السفر في حال الاختيار، وكذلك حال المشي، ويستقبل القبلة فإن لم يمكنه استقبل بتكبيرة الإحرام القبلة والباقي يصلي إلى حيث تسير الراحلة، ويتوجه إليه في مشيه، ولا يلزمه التوجه إلى القبلة حال الركوع أو السجود، ويجوز له أن يقتصر على الإيماء وإن لم يسجد على الأرض فإن كان راكبا منفردا وأمكنه أن يتوجه إلى القبلة كان ذلك هو الأفضل فإن لم يفعل لم يكن عليه شئ لأن الأخبار الواردة في جواز ذلك على عمومها. هذا إذا لم يتمكن في حال كونه راكبا من استقبال القبلة فإن تمكن من ذلك بأن يكون في كنيسة واسعة يمكنه أن يدور فيها ويستقبل القبلة كان فعل ذلك أفضل، وكذلك الصلاة