على وجه يعلم فساده وخرابه عما هو عليه، وجهان، ينشأن من اعتبار الطمأنينة بالانتفاع مع بقاء العين، فمع فرض ذلك لا تكون العين مما يطمئن بالانتفاع بها مع بقائها، ومن أن العين قابلة للانتفاع فعلا، والبطلان إنما يحصل بالخراب التحقيقي لا التقديري قبل زمانه، ولعل الأول لا يخلو من قوة، لما تسمعه من النص والفتوى، وهل يبطل باستلزامه مفسدة أعظم من مصلحة وقفه كقتل الأنفس ونهب الأموال وهتك الأعراض ونحو ذلك، وجهان من ظاهر الصحيح الآتي (1) ومن أن نحو ذلك لا يقتضي تغيير الأسباب الشرعية عن مقتضياتها، ولا ريب في أن الثاني أقوى بحسب القواعد، اللهم إلا أن يدعي ظهور الصحيح في ذلك فيكون خارجا عنها به، خصوصا بعد العمل به، وأما بيع الوقف لشدة حاجة أهله، أو لكون البيع أعود لهم أو نحو ذلك، فلا ريب في مخالفته للقواعد الشرعية، بل لما هو كالمعلوم من الشرع من أن الوقف مبني على عدم ذلك كله، ومما ذكرنا تعرف الوجه في كلام جملة من الأصحاب، فإنه قد وقع الاختلاف بينهم في هذه المسألة على وجه لم نعثر على نظيره في مسألة من مسائل الوقف، كما لا يخفى على من لاحظ ما حكاه الشهيد وغيره عنهم في غاية المراد وغيرها، فعن ابني الجنيد والبراج في جواهر الفقه إطلاق المنع من بيعه، وعن ابن إدريس التصريح بعموم المنع في المؤبد والمنقطع ولو مع خرابه، أو وقوع خلف بين أربابه ونزل خلاف الأصحاب على الثاني، وقال: في الأول لا يجوز بيعه بغير خلاف، وعن فخر المحققين أنه لا يصح بيع الوقف بحال، والشهيد في الدروس قوى المنع مطلقا بعد اختيار الجواز
(٣٦٠)