البيع، وما يشتق من الأفعال والصفات بخلاف غيره، إذ لا يراد ببعت مثلا معنى الانتقال كما هو ظاهر ولا العقد، وإلا لكان إيجابا وقبولا معا، وهو معلوم البطلان، وكذا البائع فإنه ليس بمعنى المنتقل، ولا بمعنى الموجب والمقابل والمطرد في الجميع هو النقل، فيكون البيع موضوعا له اجراء له على الأصل من لزوم التوافق مع الامكان، فلا يقدح تخلفه في النكاح، لثبوت وضعه للعقد، وامتناع الموافقة في أنكحت ونحوه، فوجب صرفه إلى معنى آخر، كتمليك الانتفاع، والتسليط على الوطي وغيرهما مما يناسب العقد، بخلاف المقام الذي لم يثبت وضعه فيه للعقد.
بل قد عرفت ثبوت الخلاف، وأنه موضوع للنقل، بل ربما تكلف ورد تعريفه بأحدهما إليه، إما بتقدير مصحح في الكلام، أو باطلاق اسم المسبب أو السبب على الآخر، أو بحمل الانتقال والعقد على البيع مبالغة، كما في زيد عدل وإن كان مجازا، إلا أنه جاز اتكالا على الظهور، ولما قدمناه من أن التعاريف في مثل المقام مراد منها الكشف في الجملة، شبه التعاريف اللغوية، فلا يضر ارتكاب التجوز فيها، على أنه قد يقال بكون الممنوع في التعريف، خصوص المجاز العقلي لعدم النسبة بين الحد والحدود، لا بالاسناد ولا بالتقييد أو يقال: بأن اختلاف الحدود لاختلاف البيع في الاطلاق، لا لاختلاف في معناه، ولا تجوز حينئذ في شئ من الحدود، ضرورة كونه حينئذ في البيع المحدود بالعقد والانتقال دون الحد، بل ربما قيل: إن التعريف بالانتقالي للبيع مصدرا للفعل المبني للمجهول، فيوافق حينئذ تعريفه بالنقل مصدرا للفعل المعلوم، ويسلم من التجوز في الحد المحدود وإن كان فيه ما فيه، والأمر في ذلك كله سهل بعد ما عرفت.