يتوجه العرض إلى الجمادات.
وقيل: المراد تعظيم الأمر في الأمانة وتفخيمه، فإن السماوات والأرض لو كانتا مما يعرض عليها الأمانة وعرضت لامتنعت من قبولها لعظيم المشقة فيها و حملها الإنسان كما قال " ولو أن قرآنا سيرت به الجبال " (1) والمراد لو أن قرآنا سيرت به الجبال لعظم محله وجلالة موقعه لكان هذا القرآن.
وروى أصحابنا أن المراد بالأمانة الولاية لمن أوجب الله علينا ولايته (2) وهذا داخل في الوجه الأول، لأن التكليف قد اشتمل عليه ولا يجوز تخصيصه.
مسألة: عن قوله تعالى: " وإذا الوحوش حشرت " (3) والحشر إنما يكون لمن يستحق الثواب والعقاب، والبهائم غير مكلفة، ثم لم اختصت بالحشر دون غيرها من الحيوان.
الجواب: الحشر يكون لمستحق الثواب والعقاب وذلك يختص المكلفين. ويكون أيضا لكل حيوان له [كذا] على الألم الذي دخل عليها، فأن الله تعالى لا بد أن يعوضه وإن لم يكن مستحقا لثواب أو عقاب.
مسألة: عن قوله تعالى: " وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء وإن منها لما يهبط من خشية الله " (4) فقسمها قسمين وخصهما بوصفين والهبوط من الخشية لا يكون إلا من العقلاء المكلفين فما تأويل ذلك؟.
الجواب: المراد بهذه الآية عظم قساوة قلوب الكفار وشدة عنادهم فشبه ذلك بالحجارة في صلابتها وإنها مع صلابتها قد تلين في بعض الأحوال وتنشق فيخرج منها الماء بأمر الله تعالى، وقلوب الكفار لا تلين ولا ترجع عما هي عليه فصارت كأنها أصلب من الحجارة.
وقوله: من خشية الله معناه أنها لا تمنع من فعل الله ولا يتعذر عليه الفعل فيها فكأنها خافته وخشيته فإن طاعت له (5) كما قال للسموات والأرض " ائتيا