وأيضا فإن قوله افعل لا يخلو من أن يكون للايجاب أو الندب أو الإباحة فيكون مقتضيا لجميع ذلك على الحقيقة أو لبعضها حقيقة ولبعضها مجازا فإن كان حقيقة في الإيجاب مجازا فيما سواه على ما يقوله فالواجب حمله على الحقيقة فلا يصرف إلى المجاز إلا بدلالة وإن كان حقيقة في كل شئ من ذلك فقد صار حقيقة في الإيجاب وأفادنا باللفظ فغير جائز صرفه عنه إلى غيره لأن حكم اللفظ استعماله على الحقيقة فإن قيل ما أنكرت أن يكون حقيقة في كل واحد من ذلك وأن الواجب إذا كان كذلك جاز حمله على الندب والإباحة حتى تقوم دلالة الإيجاب لأن ما صلح للإيجاب ولغيره لم يجز أن يجعله واجبا إلا بدلالة غير اللفظ أو نقف فيه حتى تقوم دلالة المراد إذ لم يجز ان يتناول جميع هذه الوجوه في حال واحدة لتضادها قيل له حقيقة الأمر أنه للإيجاب بما قد دللنا عليه في الباب الذي قبله ولو سلمنا لك ما ادعيته من الحقيقة في كل واحد من هذه الوجوه لكان حمله على الإيجاب أولى وذلك لأن المباح ما لا يستحق بفعله الثواب ولا بتركه العقاب والندب ما يستحق بفعله الثواب ولا يستحق بتركه العقاب ففيه زيادة معنى على المباح
(٨٩)