قيل له قد علم عليه السلام أن الله تعالى لن يتوفاه حتى يبلغ رسالته ويبين للأمة ما تحتاج فيه إلى بيانه فهذا سؤال ساقط وأيضا فإذا علم الله تعالى أنه إن أخر البيان عن وقت لا يمكنه بعده تبليغه وأداؤه فلابد من توقيفه إياه على تعجيله وترك تأخيره لأن الله تعالى إنما أرسله إلى الناس ليبلغهم ما تهم إليه الحاجة من أمر دينهم فإذا أباح له تأخير البيان فإنما يبيحه له ما لم يؤخره إلى وقت يفوته فيه فعله فإذا صار في حال إن لم يبينه فيه فاته وتعذر عليه أعلمه قبل تأخيره فأما من أجاز تأخير بيان المجمل إذا كان في الخطاب ما يوجب تعلقه بحال ثابتة وأباه إذا ورد مطلقا غير مطمع في بيان يرد في الثاني فإنه ذهب فيه إلى أن الأمر لما كان يقتضي فعله على الفور فقد ألزمنا بورود الأمر فعله فوجب أن يكون بيانه مقرونا به ليمكنه تنفيذه وإلا كان فيه تكليف ما لا يطاق وهذا لا يوجب ما قالوه وذلك لأنه يمنع ورود الأمر مطلقا غير معلق بوقت وتقوم الدلالة على أن المراد به المهلة دون الفور فمتى ورد لفظ مجمل لا يمكن استعمال حكمه كان وروده هذا المورد دلالة على أنه لم يرد منا فعله في الحال وأن لزومه موقوف على ورود البيان فيه فلا فرق بين مقارنة هذه الدلالة للفظ وبين ذكر ما يوجب وقوفه على البيان متصلا به
(٧٤)