تاريخهما فقال عيسى فيهما إذا عريا من شواهد الأصول وتساويا في جهة النقل فإنهما إذا تعارضا ولم يحتملا وسلم الموافقة سقطا وصارا كأنهما لم يردا وبقي الشئ على أصل الإباحة كأنه لم يرد فيه خبر وذكر من نظائر ذلك حديث النبي عليه السلام كل شراب أسكر فهو حرام وما روي عنه أنه أتي بنبيذ فرفعه إلى فيه فقطب فقيل له أحرام هو فدعاء بماء فصبه عليه ثم شربه وروي عنه من خشي من شرابه فليكثره بالماء وذكر أن خبر الإباحة أولى لأن الحظر لو كان ثابتا في مثله لعرفه جل الصحابة وقد روي عنهم الإباحة ولأن خبر الحظر يحتمل المعاني وخبر الإباحة لا يحتملها ثم قال بعد ذلك ولو لم يكن في واحد من الخبرين إلا وفي الآخر مثله لكان الأمر عندنا على إحلاله لأن التحريم لا يثبت إذا تضاد الخبران كذلك ما أشبه هذا من الأخبار المتضادة وذكر أيضا خبر الوضوء من مس الذكر وما روي عن النبي عليه السلام أنه قال لا وضوء فيه ثم ذكر وجوه الترجيح للخبر النافي للوضوء من ذلك ثم قال بعد ذلك ولو لم يكن في ذلك إلا تضاد الخبرين ولم يكن لأحدهما ما ليس للآخر كان الخبران كأنهما لم يأتيا وكان الأمر على أن لا وضوء فيه وذكر عيسى بن أبان عن ابن عباس وابن عمر أن كل واحد منهما بعث رجلين ينظران إلى الفجر فقال أحدهما قد طلع وقال الآخر لم يطلع فقال ابن عباس اختلفتما إذا شذا بي وقال ابن عمر مثل ذلك قال عيسى فأسقطا الخبرين عند التعارض وتركا الأمر على الأصل قال أبو بكر رحمه الله فهذا المذهب خلاف ما حكيناه عن أبي الحسن رحمه الله
(٢٩٩)