بنجاستها والآخر بطهارتها ويستحيل وجود مخبريهما وقال على ما أخبرا به من حكم المخبر عنه فلما كان كذلك علمنا أن أحد المخبرين قد أو هم في خبره وأخبر عن الشئ على خلاف حقيقة حاله فلما لم يعرف الغالط منهما ولم يكن أحدهما أولى بقبول خبره من الآخر سقط الخبران جميعا فصار وجود خبريهما أنه على هذا الوصف قادحا في نفس الخبر وليس كذلك حكم أخبار الشرع إذا وردت متعارضة في الحظر والإباحة لأن ورودها على هذا الوجه لم يقدح في نفس الخبر ولم يوجب كونه مشكوكا فيه إذ لا فرق عندنا في ذلك بين ما ورد من طريق التواتر ومن جهة الآحاد وإنما تعارض الخبران من حيث فقدنا العلم بتاريخهما لأنهما لم يردا في حكم شئ واحد في حال واحدة ألا ترى أن خبر الحظر إذا ورد على ما علمت إباحته في الأصل وقد أقر النبي عليه السلام الناس عليها أنه يقضي على الإباحة ويرفعها ولا يكون ذلك تعارضا ولا تضادا في الخبرين لأن ما حظر من ذلك غير ما كان مباحا فلم يرد الخبران في عين واحدة في حال واحدة أنه محظور مباح فلما كان ذلك كذلك ثبت حكم الحظر دون الإباحة للعلة التي ذكرنا وكان خبر الإباحة صحيحا محكوم به أيضا إلا أنه قبل الحظر في غير ما ورد فيه الحظر فلذلك لم يتعارضا على هذا الوجه لأن الخبرين جميعا في إثبات الإباحة والحظر ثابتان إلا أنا حكمنا بتقدم الإباحة على الحظر وأثبتنا الحظر بعدها فالكلام في ذلك إنما هو في تاريخ الحكمين أيهما المتقدم لصاحبه وأما المخبران بطهارة الماء أو بنجاسته فإن كل واحد منهما يثبت ما أخبر به في حال يثبت صاحبه فيها ضده فلم يصح ثبوتهما إذا تساويا ولم يجر الحكم بتأخير حلول النجاسة عن الحال التي أخبر المخبر الآخر منهما بالطهارة لأن المخبر بالطهارة يزعم أنه طاهر في الحال وأن ما أخبر به ثابت الحكم والمخبر بالنجاسة يقول هو نجس في الحال لا يجوز استعماله فتناول خبرهما عينا واحدة بحكمين متضادين فتعارض موجب خبرهما عند استواء حالهما وسقط كأن لم يرد وبقي الشئ على ما كان عليه ومن حكم الإباحة ويكون هذا نظير شاهدين شهدا على رجل أنه قتل عمرا يوم النحر بالكوفة وشهد آخران
(٣٠٣)