وإن قال قائل إنما أراد النسخ في هذا الموضع الإزالة والإسقاط قيل له لا يخلو من أن يريد به إزالة الحكم أو إزالة الرسم فإن أردت إزالة الحكم فقد وافقت وإن أردت إزالة الرسم مع بقاء الحكم فإن هذا فاسد من وجهين أحدهما أن عموم اللفظ يقتضي الأمرين ومن حمله على أحد الوجهين دون الآخر بغير دليل فهو متحكم قائل بغير علم والوجه الآخر أنا لو سلمنا لك ما ادعيت من إزالة الرسم فدلالته قائمة على ما ادعينا لأنه قد أسقط عنا فرض تلاوته واعتقاد كونه من القرآن بعد أن كان لزمنا ذلك ووجه آخر وهو أنه قد ذكر في الآية الإزالة والإسقاط أيضا في قوله تعالى أو ننسها فعلمنا أن مراده بذكر النسخ هو نسخ الحكم وقال تعالى وإذا بدلنا آية مكان آية وقال تعالى يمحوا الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب وقال تعالى لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا وأخبر عن نسخ بعض أحكام الشرائع المتقدمة بقوله تعالى ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم وقال تعالى وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر وقال تعالى فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم وقد ورد من طريق النقل المستفيض والخبر المتواتر الذي لا يتطرق إليه الفساد والبطلان أن النبي صلى الله عليه وسلم قد كان يصلي إلى بيت المقدس إلى أن نسخ الله تعالى الصلاة إلى تلك الجهة
(٢١٧)