أن تقوم الساعة فإن الأظهر في مثله أنه لا يجوز نسخ ما كان هذا وصفه لأنه قد ألزمنا اعتقاد بقائه مؤبدا وغير جائز أن يكون المراد بقاؤه إلى وقت ومدة لأن تجويز ذلك يؤدي إلى إبطال دلالة الكلام على حسب ما تقدم القول فيه في إثبات العموم وامتناع جواز تأخير بيان الخصوص فيما سلف فإن قال قائل إن اليهود تزعم أن في التوراة الأمر بالتمسك بالسبت ما دامت السماوات والأرض وقد ورد نسخه على لسان كثير ممن جاء بعده من الأنبياء عليهم السلام قيل له لم يثبت أن في التوراة هذا الذي قالوه ولو كان ثابتا لم يمنع أن يكون اللفظ الذي ادعوه في التوراة باللسان العبراني يحتمل التأبيد ويحتمل غيره فحمله هؤلاء على التأبيد من جهة التأويل وإذا لم يكن عندنا علم بحقيقة معنى اللفظ المذكور في التوراة في هذا الباب لم يثبت ما ذكروه وأيضا فلو كان ما ادعوه في ذلك ثابتا وكان العلم به واقعا لوجب أن يقع لنا العلم به مع سماعنا لذلك كوقوع علمهم به في زعمهم فلما لم يثبت عندنا ذلك مع سماعنا لهذه الأخبار علمنا بطلان ما ادعوه ومن أجاز ذلك في أزمان الأنبياء عليهم السلام مع ذكر التأبيد فيه ممن وصفنا قولهم فإنما أجازه لأن علينا اعتقاد صحة ما يأتي به النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك من الشريعة مما يخالف ذلك أو يوافقه فيصير تقدير ذكر التأبيد فيه مقرونا بجواز النسخ كأنه قال افعلوا هذه الأفعال في الزمان المستقبل أبدا ما لم أنسخه والصحيح عندنا هو الأول لأن هذا لو جاز مثله في العموم فيقال إنا نعتقد فيه
(٢٠٨)