وإنما لم يجز ورود العبادة بنسخ اعتقاد معنى الخبر وإن جاز ورودها بنسخ الخبر الذي هو التلاوة من قبل أنه لو جاز ذلك لكان فيه إيجاب التعبد باعتقاد الشئ على خلاف ما هو به لأن خبر الله تعالى لا بد أن يكون صدقا يلزمنا عند وروده اعتقاد مخبره على ما هو به وهذا لا يجوز على الله تعالى ولا على رسوله صلى الله عليه وسلم ولو جاز أن يأمرنا باعتقاد ذلك لجاز أن يأمرنا بالإخبار عنه على حسب ما أمرنا باعتقاده فيكون أمرا لنا بالكذب ولو جاز أن يأمرنا بالكذب لجاز أن يفعله هو تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا فلذلك قلنا إن معاني الأخبار الواردة من الله تعالى لا يجوز ورود النسخ على اعتقادنا فيها بأن يتعبدنا باعتقاد ضد مخبرها لأن المخبر عنه لا يجوز عليه التغيير والتبديل بتغير الأحوال والأزمان فلذلك لم يجز أن نعتقد فيها خلاف ما أوجبه ورود الخبر وهذا نظير ما أمر الله تعالى به من العبادات واستقر عليه أحكامها ومضى عليها أوقات فعلها فغير جائز أن ترد العبادة بنسخ اعتقاد صحتها وثبوتها في الأوقات الماضية لأن في نسخ ذلك الاعتقاد وجوب اعتقاد فساد ما أمر الله تعالى به واعتقاد ذلك قبح لا يجوز ورود العبادة به فلذلك كان الأمر فيه على ما وصفنا ومما يبين أن اعتقاد معاني الأخبار الواردة عن الله تعالى وعن رسوله صلى الله عليه وسلم جار مجرى التوحيد وتصديق الرسل وسائر ما لا يجوز فيه النسخ والتبديل فإنه مخالف لما له في العقول حالان من الأمور التي يجوز ورود العبادة بها تارة وبأضدادها أخرى أنه يمتنع الأمر بالاعتقادين في خطاب واحد لزمانين * مختلفين فلا يجوز أن يقول اعتقدوا في خبري هذا أنه على ما هو عليه إلى مدة كذا فإذا انقضت المدة فاعتقدوا فيه ضده كما لا يجوز أن يقول اعتقدوا صحة التوحيد وتصديق الرسل إلى وقت كذا فإذا انقضى الوقت فاعتقدوا ضدهما ولا يمتنع أن يقول صلوا وصوموا إلى وقت كذا فإذا مضى الوقت
(٢٠٤)