من ندب أو إباحة فوجب أن يبقى ما كان عليه في ذمته من فرض على ما كان عليه وأن لا تصح له قربة ولا فعل المباح فإذا كان ما فعله عقدا من عقود المعاملات فيما بين العباد الذي سبيله أن يفعله على الوجه المباح فهو إذا كان منهيا عن العقد نفسه أو ما يتعلق به من شروطه فهو غير فاعل في هذه الحال للعقد المباح فينبغي أن لا يصح عقده على هذا الوجه وأن لا يزول ملك مالكه عنه بهذا العقد وذلك لأن الملك الواقع بذلك إنما هو حكم متعلق بإباحة الله تعالى إياه وحكمه به وإذا حكم بنهيه فغير جائز وقوع الحكم الذي يتعلق به من إيقاع الملك فوجب أن يقع فاسدا لا حكم له وكذلك نقول في سائر البياعات الفاسدة إنها لا توجب الملك ولا يتعلق بها حكم بنفس العقد ثم إذا اتصل به القبض ثبت للمقبوض حكم الملك من وجه لقيام الدلالة ونحن فإنما كلامنا هاهنا في إفساد العقد بظاهر النهي وذلك موجود في كل عقد منهي عنه لمعنى في نفس المعقود عليه ودليل آخر وهو أن النهي يتناول ما يتعلق به على وجه النهي بأن لا يفعله ومعلوم أن ما وقع من الإيجاب والقبول لهذه العقود لا يصح النهي عنه بعد وقوعه وإن كان قبل وقوعه منهيا عنه وعن التصرف فيه فإذا وجب ذلك كان لزوم فسخه حقا لله تعالى ولزم الحاكم إذا اختصموا إليه أن يمنع من قبضه والتصرف فيه وإذا لم يستحق قبض المبيع لم يصح العقد وان قبضه ثم اختصما كان ممنوعا من سائر وجوه التصرف وكان المنع من ذلك حقا لله تعالى متعلقا بظاهر النهي لأنه معلوم أن النهي إنما يتناول أحكام العقد المتعلقة به وإذا كانت هذه الأحكام ممنوعة بعد العقد بظاهر النهي وجب فسخه ما لم تقم الدلالة على نفاذ تصرفه
(١٩١)