وبالجملة: مع تصريحه بعدم ورود شئ من الإشكالات على التقريب الثاني، أورد تدريجا جميع الإشكالات المتوجهة على الأول على الوجه الثاني أيضا، وهذا لا يخلو من غرابة.
ثم إنه في كلامه موارد للأنظار لابد من التعرض لها وإن يطل الكلام فنقول:
حاصل تقريبه في الوجه الثاني من التقريبين: هو أنا نعلم بصدور غالب الأخبار التي في أيدينا، ولا إشكال في وجوب الأخذ بما صدر عنهم، بما أنها أحكام ظاهرية في مقابل الأحكام الواقعية، فلا يرجع إلى الوجه الأول.
وحيث لا يمكن لنا تحصيل العلم بالأخبار الصادرة عنهم نتنزل إلى الظن والأخذ بمظنون الصدور.
ولا يرد عليه شئ من الإشكالات، فإن مبناها كان على أن وجوب العمل بالأخبار من باب تضمنها الأحكام الواقعية، فيرد عليه: أن العلم الإجمالي بالأحكام لا يختص بدائرة الأخبار، بل الأمارات الظنية أيضا من أطرافه، إلى آخر الإشكالات.
وأما هذا التقريب فمبني على وجوب العمل بالأخبار لكونها أحكاما ظاهرية، فلا تكون سائر الأمارات التي لم يقم دليل على اعتبارها - من أطراف هذا العلم، فإنها ليست أحكاما ظاهرية، فدائرة العلم الإجمالي تختص بالأخبار، ونتيجته الأخذ بمظنون الصدور عند تعذر تحصيل العلم التفصيلي، وعدم وجوب الاحتياط في الجميع، بل مقتضى العلم بصدور غالب الأخبار