ان المجعول فيه الطريقية، فان بالامكان حينئذ جريان الاستصحاب لترتيب حكم القطع وإن لم يكن للمستصحب اثر، وهذا معنى امكان قيامه مقام القطع الموضوعي دون الطريقي في بعض الموارد.
الثانية: - ان الاستصحاب يتقوم بان يكون المستصحب قابلا للتنجيز والتعذير، ولا يكفي مجرد ترتب الأثر على نفس التعبد الاستصحابي، ولا فرق في قابلية المستصحب للمنجزية والمعذرية بين ان تكون باعتباره حكما شرعيا، أو عدم حكم شرعي، أو موضوعا لحكم، أو دخيلا في متعلق الحكم، كالاستصحابات الجارية لتنقيح شرط الواجب مثلا اثباتا ونفيا.
ومدرك هذه الصيغة التي هي أضيق من الصيغة السابقة استظهار ذلك من نفس دليل الاستصحاب، لان مفاده النهي عن نقض اليقين بالشك، والنقض هنا ليس هو النقض الحقيقي لأنه واقع لا محالة ولا معنى للنهي عنه، وانما هو النقض العملي، وفرض النقض العملي لليقين هو فرض ان اليقين بحسب طبعه له اقتضاء عملي لينقض عملا، والاقتضاء العملي لليقين انما يكون بلحاظ كاشفيته، وهذا يفترض أن يكون اليقين متعلقا بما هو صالح للتنجيز والتعذير لكي يشمله اطلاق دليل الاستصحاب.
وهذا البيان يتوقف على استظهار إرادة النقض العملي من النقض بقرينة تعلق النهى به، ولا يتم إذا استظهر عرفا إرادة النقض الحقيقي مع حمل النهي على كونه ارشادا إلى عدم امكان ذلك بحسب عالم الاعتبار، فان المولى قد ينهي عن شئ ارشادا إلى عدم القدرة عليه، كما يقال في (دعي الصلاة أيام أقرائك). غاية الامر ان الصلاة غير مقدورة للحائض حقيقة، والنقض غير مقدور للمكلف ادعاء واعتبارا لتعبد الشارع ببقاء اليقين السابق، وبناء على هذا الاستظهار يكون مفاد الدليل جعل الطريقية، ولا يلزم في تطبيقه على مورد تصوير النقض العملي والاقتضاء العملي، غير أنه يكفي لتعين الصيغة الثانية في مقابل الأولى اجمال الدليل