الوجه الثالث: - ان اليقين وان كان ركنا للاستصحاب بمقتضى ظهور اخذه في الموضوعية، الا انه مأخوذ بما هو حجة فيتحقق الركن بالامارة المعتبرة أيضا باعتبارها حجة. ويختلف هذا الوجه عن سابقه بالاعتراف بركنية اليقين، وعن الأول بان دليل حجية الامارة على هذا يكون واردا على دليل الاستصحاب لأنه يحقق فردا من الحجة حقيقة، واما على الوجه الأول فدليل الاستصحاب حاكم لا وارد. ويرد على هذا الوجه ان ظاهر اخذ شئ كونه بعنوانه دخيلا فحمله على دخل عنوان جامع بينه وبين غيره يحتاج إلى قرينة.
والتحقيق ان يقال: ان الامارة تارة تعالج شبهة موضوعية كالامارة الدالة على نجاسة الثوب، وأخرى شبهة حكمية كالامارة الدالة على نجاسة الماء المتغير. وعلى التقديرين تارة ينشأ الشك في البقاء من شبهة موضوعية كما إذا شك في غسل الثوب أو زوال التغير، وأخرى ينشأ من شبهة حكمية كما إذا شك في طهارة الثوب بالغسل بالماء المضاف وارتفاع النجاسة عند زوال التغير من قبل نفسه. فهناك إذن أربع صور:
الأولى: - ان تعالج الامارة شبهة موضوعية ويكون الشك في البقاء شبهة موضوعية أيضا، كما إذا أخبرت الامارة بتنجس الثوب وشك في طرو المطهر. وفي مثل ذلك لا حاجة إلى استصحاب النجاسة الواقعية ليرد الاشكال القائل بأنه لا يقين بحدوثها، بل يمكن اجراء الاستصحاب بأحد وجهين آخرين:
الأول: ان نجري الاستصحاب الموضوعي فنستصحب عدم غسل الثوب بالماء، ومن الواضح ان نجاسة الثوب مترتبة شرعا على موضوع مركب من جزئين: أحدهما: ملاقاته للنجس. والآخر: عدم طرو الغسل عليه. والأول ثابت بالامارة، والثاني بالاستصحاب لان أركانه فيه متوفرة بما فيها اليقين بالحدوث، فيترتب على ذلك بقاء النجاسة شرعا.
الثاني: - ان الامارة التي تدل على حدوث النجاسة في الثوب تدل