حيثية تعليلية فلا ينافي ذلك وحدة الحكم حدوثا وبقاء، ومعه يجري الاستصحاب. وكلما كانت الخصوصية مقومة للمعروض كان انتفاؤها موجبا لتعذر جريان الاستصحاب، لان المشكوك حينئذ مباين للمتيقن.
ومن هنا يبرز السؤال التالي: كيف نستطيع ان نميز بين الحيثية التعليلية والحيثية التقييدية المقومة لمعروض الحكم؟. فقد يقال بان مرجع ذلك هو الدليل الشرعي لان اخذ الحيثية في الحكم ونحو هذا الاخذ تحت سلطان الشارع، فالدليل الشرعي هو الكاشف عن ذلك فإذا ورد بلسان (الماء إذا تغير تنجس) فهمنا ان التغير اتخذ حيثية تعليلية.. وإذا ورد بلسان (الماء المتغير متنجس) فهمنا ان التغير حيثية تقييدية، وعلى وزان ذلك (قلد العالم) أو (قلده إن كان عالما) وهكذا.
والصحيح: ان اخذ الحيثية في الحكم بيد الشارع وكذلك نحو أخذها في عالم الجعل، إذ في عالم الجعل يستحضر المولى مفاهيم معينة كمفهوم الماء والتغير والنجاسة، فبامكانه ان يجعل التغير قيدا للماء وبإمكانه ان يجعله شرطا في ثبوت النجاسة تبعا لكيفية تنظيمه لهذه المفاهيم في عالم الجعل، غير أن استصحاب الحكم في الشبهات الحكمية لا يجري بلحاظ عالم الجعل بل بلحاظ عالم المجعول، فينظر إلى الحكم بما هو صفة للامر الخارجي لكي يكون له حدوث وبقاء كما تقدم، وعليه فالمعروض محدد واقعا وما هو داخل فيه وما هو خارج عنه، لا يتبع في دخوله وخروجه نحو أخذه في عالم الجعل بل مدى قابليته للاتصاف بالحكم خارجا، فالتغير مثلا لا يتصف بالنجاسة والقذارة في الخارج بل الذي يوصف بذلك ذات الماء، والتغير سبب الاتصاف، والتقليد واخذ الفتوى يكون من العالم بما هو عالم أو من علمه بحسب الحقيقة. فالتغير حيثية تعليلية ولو اخذت تقييدية جعلا ودليلا، والعلم حيثية تقييدية لوجوب التقليد ولو اخذ شرطا وعلة جعلا ودليلا.
وهنا نواجه سؤالا آخر وهو: ان المعروض واقعا بأي نظر نشخصه