خبر الثقة الشامل باطلاقه للثقة الفاسق، ومنطوق آية النبأ الدال باطلاقه على عدم حجية خبر الفاسق ولو كان ثقة.
وقد يقال حينئذ بالتعارض والتساقط والرجوع إلى أصالة عدم حجية خبر الثقة الفاسق إذ لم يتم الدليل على حجيته، ولكن الصحيح انه لا اطلاق في منطوق الآية الكريمة لخبر الثقة الفاسق لان التعليل بالجهالة يوجب اختصاصه بموارد يكون العمل فيها بخبر الفاسق سفاهة وهذا يختص بخبر غير الثقة فلا تعارض اذن، وبذلك يثبت حجية خبر الثقة دون غيره.
وهل يسقط خبر الثقة عن الحجية إذا وجدت امارة ظنية نوعية على كذبه؟ وهل يرتفع خبر غير الثقة إلى مستوى الحجية إذا توفرت امارة من هذا القبيل على صدقه؟ فيه بحث وكلام، وقد تقدم وكلام موجز عن تحقيق ذلك في الحلقة السابقة.
ولا شك في أن أدلة حجية خبر الثقة، والعادل، لا تشمل الخبر الحدسي المبني على النظر والاستنباط، وانما تختص بالخبر الحسي المستند إلى الإحساس بالمدلول كالاخبار عن نزول المطر، أو الإحساس بآثاره ولوازمه العرفية كالاخبار عن العدالة.
وعلى هذا فقول المفتي ليس حجة على المفتي الآخر بلحاظ أدلة حجية خبر الثقة لان اخباره بالحكم الشرعي ليس حسيا، بل حدسيا واجتهاديا نعم هو حجة على مقلديه بدليل حجية قول اهل الخبرة والذكر.
ومن أجل ذلك يقال بان الشخص إذا اكتشف بحدسه، واجتهاده قول المعصوم عن طريق اتفاق عدد معين من العلماء على الفتوى فأخبر بقول المعصوم استنادا إلى اتفاق ذلك العدد لم يكن اخباره حجة في اثبات قول المعصوم، لأنه ليس اخبارا حسيا عنه وانما يكون حجة في اثبات اتفاق ذلك العدد من العلماء على الفتوى - إذا لم يعلم منه التسامح عادة في مثل