الأولوية تختلف باختلاف ما يستفاد من هذه الأمور، ولا ضابط عام يمكن الرجوع إليه عند الشك.
فمن تلك الأولوية: ما إذا كان في الحكم الحفاظ على بيضة الإسلام، فإنه أولى بالتقديم من كل شئ في مقام المزاحمة.
ومنها: ما كان يتعلق بحقوق الناس، فإنه أولى من غيره من التكاليف الشرعية المحضة، أي التي لا علاقة لها بحقوق غير المكلف بها.
ومنها: ما كان من قبيل الدماء والفروج، فإنه يحافظ عليه أكثر من غيره، لما هو المعروف عند الشارع المقدس من الأمر بالاحتياط الشديد في أمرها (1). فلو دار الأمر بين حفظ نفس المؤمن وحفظ ماله، فإن حفظ نفسه مقدم على حفظ ماله قطعا.
ومنها: ما كان ركنا في العبادة، فإنه مقدم على ما ليس له هذه الصفة عند المزاحمة، كما لو وقع التزاحم في الصلاة بين أداء القراءة والركوع، فإن الركوع مقدم على القراءة وإن كان زمان امتثاله متأخرا عن القراءة.
وعلى مثل هذه فقس... وأمثالها كثير لا يحصى، كما لو دار الأمر بين الصلح بين المؤمنين بالكذب وبين الصدق وفيه الفتنة بينهم، فإن الصلح مقدم على الصدق. وهذا معروف من ضرورة الشرع الإسلامي.
ومما ينبغي أن يعلم في هذا الصدد أنه لو احتمل أهمية أحد المتزاحمين، فإن الاحتياط يقتضي تقديم محتمل الأهمية. وهذا الحكم العقلي بالاحتياط يجري في كل مورد يدور فيه الأمر بين التعيين والتخيير في الواجبات.