ذاتي للعموم في الشمول، بمعنى أن الدليل الحاكم يكون لسانه تحديد موضوع الدليل المحكوم أو محموله تنزيلا وادعاءا، فلذلك يكون الحاكم متصرفا في عقد الوضع أو عقد الحمل في الدليل المحكوم.
ونستعين على بيان الفرق بالمثال، فنقول: لو قال الآمر عقيب أمره بإكرام العلماء: " لا تكرم الفاسق " فإن القول الثاني يكون مخصصا للأول، لأ أنه ليس مفاده إلا عدم وجوب إكرام الفاسق مع بقاء صفة العالم له. أما لو قال عقيب أمره: " الفاسق ليس بعالم " فإنه يكون حاكما على الأول، لأن مفاده إخراج الفاسق عن صفة العالم تنزيلا، بتنزيل الفسق منزلة الجهل أو علم الفاسق بمنزلة عدم العلم. وهذا تصرف في عقد الوضع، فلا يبقى عموم لفظ " العلماء " شاملا للفاسق بحسب هذا الادعاء والتنزيل، وبالطبع لا يعطى له حينئذ حكم العلماء من وجوب الإكرام ونحوه.
ومثاله في الشرعيات قوله (عليه السلام): " لا شك لكثير الشك " (1) ونحوه مثل نفي شك المأموم مع حفظ الإمام وبالعكس، فإن هذا ونحوه يكون حاكما على أدلة حكم الشك، لأن لسانه إخراج شك " كثير الشك " وشك المأموم أو الامام عن حضيرة صفة الشك تنزيلا، فمن حقه حينئذ ألا يعطى له أحكام الشك من نحو إبطال الصلاة أو البناء على الأكثر أو الأقل أو غير ذلك.
وإنما قلنا: " الحكومة في بعض مواردها كالتخصيص " فلأن بعض موارد الحكومة الأخرى عكس التخصيص، لأن الحكومة على قسمين:
قسم يكون التصرف فيها بتضييق الموضوع - كالأمثلة المتقدمة - وقسم