أربع: إما أن يكونا مقطوعي الدلالة مظنوني السند، أو بالعكس - أي يكونان مظنوني الدلالة مقطعوعي السند - أو يكون أحدهما مقطوع الدلالة مظنون السند والآخر بالعكس، أو يكونان مظنوني الدلالة والسند معا. أما فرض أحدهما أو كل منهما مقطوع الدلالة والسند معا، فإن ذلك يخرجهما عن كونهما متعارضين، بل الفرض الثاني مستحيل كما تقدم (ص 212). وعليه، فللمتعارضين أربع حالات ممكنة لا غيرها:
فإن كانت الأولى: فلا مجال فيها للجمع في الدلالة مطلقا، للقطع بدلالة كل منهما، فهو خارج عن مورد القاعدة رأسا كما أشرنا إليه. بل هما في هذه الحالة: إما أن يرجع فيهما إلى الترجيحات السندية، أو يتساقطان حيث لا مرجح، أو يتخير بينهما.
وإن كانت الثانية: فإنه مع القطع بسندهما كالمتواترين أو الآيتين القرآنيتين لا يعقل طرحهما أو طرح أحدهما من ناحية السند، فلم يبق إلا التصرف فيهما من ناحية الدلالة. ولا يعقل جريان أصالة الظهور فيهما معا، لتكاذبهما في الظهور. وحينئذ فإن كان هناك جمع عرفي بينهما بأن يكون أحدهما المعين قرينة على الآخر أو كل منهما قرينة على التصرف في الآخر - على نحو ما يأتي من بيان وجوه الجمع الدلالتي - فإن هذا الجمع في الحقيقة يكون هو الظاهر منهما، فيدخلان بحسبه في باب الظواهر ويتعين الأخذ بهذا الظهور. وإن لم يكن هنا جمع عرفي فإن الجمع التبرعي لا يجعل لهما ظهورا فيه ليدخل في باب الظواهر ويكون موضعا لبناء العقلاء ولا دليل في المقام غير بناء العقلاء على الأخذ بالظواهر، فما الذي يصحح الأخذ بهذا التأويل التبرعي ويكون دليلا على حجيته؟
وغاية ما يقتضي تعارضهما عدم إرادة ظهور كل منهما، ولا يقتضي أن