والمعروف أن أحد اللامعين من تلامذته (1) التقى به في درس الشيخ صاحب الجواهر قبل أن يتعرف عليه وقبل أن يعرف الشيخ بين الناس (2) وسأله سؤال امتهان واختبار عن سر تقديم دليل على آخر جاء ذكرهما في الدرس المذكور، فقال له: إنه حاكم عليه. قال: وما الحكومة؟ فقال له:
يحتاج إلى أن تحضر درسي ستة أشهر على الأقل لتفهم معنى الحكومة.
ومن هنا ابتدأت علاقة التلميذ بأستاذه.
إن موضوعا يحتاج إلى درس ستة أشهر [وإن كان فيه نوع من المبالغة] (3) كم يحتاج إلى البسط في البيان في التأليف، بينما أن الشيخ في كتبه لم يوفه حقه من البيان، إلا بعض الشئ في التعادل والتراجيح، وبعض اللقطات المتفرقة في غضون كتبه، ولذا بقي الموضوع متأرجحا في كتب الأصوليين من بعده، وإن كان مقصودهم ومقصوده أصبح واضحا عند أهل العلم في العصور المتأخرة.
ولا يسع هذا المختصر شرح هذا الأمر شرحا كافيا، وإنما نكتفي بالإشارة إلى خلاصة ما توصلنا إليه من فهم معنى الحكومة وفهم معنى أخيها " الورود " قدر الإمكان، فنقول:
1 - الحكومة: إن الذي نفهمه من مقصودهم في الحكومة: هو أن يقدم أحد الدليلين على الآخر تقديم سيطرة وقهر من ناحية أدائية، ولذا سميت بالحكومة. فيكون تقديم الدليل الحاكم على المحكوم ليس من ناحية السند ولا من ناحية الحجية، بل هما على ما هما عليه من الحجية بعد