التكليف بالمحال بدونها محذور آخر (1).
وأرى أن رأيه الأول المطابق لآراء القوم أصوب من هذا الذي تفرد به، لأن المفروض - كما علمت، ويدل عليه عنوان المسألة - وجود التكليفين وتنجزهما، وكون اختيار المكلف الفرد المجامع للحرام في مقام الامتثال من سوء اختياره، ومع عدم المندوحة لا تكليف حتى ينازع في حصول الامتثال به.
وبالجملة نزاع القوم في مقام الامتثال بعد فرض الأمر، ومع عدمها لا أمر إلا أن يغير عنوان المسألة، فشأنه حينئذ وذاك.
(اعتبار وجود المناط) واستبان أيضا: أنه لا بد من وجود المناط في الحكمين معا في مورد الاجتماع، إذ الحكم ينتفي بانتفاء مناطه، فيتخلص الفرد للجهة الشاملة للمناط، وما أشبه المقام من هذه الجهة بباب التزاحم الذي عرفت القول فيه في مسألة الضد.
وحينئذ إن علم وجودهما فيهما ولو بدليل اجتهادي من عموم أو إطلاق فلا إشكال، وإلا فالمرجع الأصل وهو الاشتغال في جانب الأمر، والبراءة في جانب النهي، فتأمل.
واعترض عليه بعض أعلام العصر - فسح الله في عمره - بأن النزاع يجري حتى على قول الأشاعرة المنكرين لتبعية الأحكام للمصالح والمفاسد.
وفيه أن الملاك بالمعنى الذي يعني هاهنا ويعتبر في مورد النزاع أعم من المصلحة والمفسدة، وهو الذي يعبر عنه في المخلوق بالغرض، وفي مقام القدس