كيف استظهر المقرر كونه في مقام الفرق بين المسألتين عند تعرضه لكلام معاصره؟ وسرعان ما حكم صاحب الكفاية بالفساد قبل أن يتضح له المراد، وإن كان ثم مجال للاعتراض فليكن على البادئ المدعي (الفاضل القمي) لا على المعترض عليه.
وبالجملة كلام الفصول صريح في أن الفرق بين المسألتين بحسب الجهة لا بحسب المورد.
وبديع لعمري في صناعة العلم أن ينسب إلى عالم ما رده على غيره، ثم يرد بضاعته إليه في صورة الاعتراض عليه.
ثم إن ادعاه صاحب الكفاية في آخر كلامه أعني قوله: «لا بد من عقد مسألتين» إلى آخره (1). فلنا حق مطالبته بالدليل على ذلك، والسؤال عن البرهان الذي حجر على مصنفي العلوم خلاف مرسومه، وألزمهم بعقد مسألة واحدة مع تعدد المورد واتحاد الجهة، ولكن نؤجل تقاضيه إلى وقت آخر.
ثم إن ما وقع في كلام المقرر من قوله: «سواء كان من قبيل قولك: صل ولا تصل في الدار المغصوبة» إلى آخره (2). وظاهره جريان نزاع المقام حتى فيما لو كان أحد العنوانين مأخوذا في الآخر.
وهذا فاسد قطعا. ولعله من قصور تعبير المقرر الفاضل، وذلك لأن المطلق ليس عنوانا في قبال المقيد، ولا يعقل اقتضاء الإطلاق شيئا واقتضاء التقييد شيئا آخر، إذ المقيد هو تلك الطبيعة مع لحوق بعض الاعتبارات بها.
وقد نبه عليه صاحب الفصول في المسألة الآتية عند بيان أولوية الفساد