في الأمر.
5 - بينا في بحث الأوامر أن الطبيعة الصرفة غير قابلة لتعلق الطلب بها، وأنه لا بد من اعتبار أحد الأمرين من الوجود والعدم وان الوجود الملحوظ قد يكون على نحو الأفرادي، وقد يكون على نحو العام المجموعي، وقد يكون على نحو صرف الوجود الذي يعبر عنه بناقض العدم وطارده، وأن الأخير هو المتيقن منه والمعول عليه عند الشك، ونقول بمثله في المقام، إذ العدم الملحوظ في النهي لا يخلو من أحد هذه الأقسام نحو لا تشرب الخمر، ولا تأخذ جميع الدراهم التي في الصرة، ولا تأكل الثوم يوم الجمعة.
وعلى هذا إذا شك في بقاء النهي بعد المخالفة فمقتضى أصالة البراءة عدمه، ولكن الغالب على النواهي هو الأول، إذ النهي يتبع المفسدة الموجبة له، والغالب فيها تكررها بتكرر الأفراد كتأكدها في المفاسد القابلة للشدة والضعف، والقلة والكثرة، والطول والقصر كضرب المؤمن وحبسه.
فلا بد في معرفة ذلك من الرجوع إلى الدليل، فإن وجد عموم أو إطلاق أو غيرهما فهو المتبع، وإلا فالأصل ما عرفت.
وفي ذوق الفقاهة ومناسبة الأحكام لموضوعاتها، وملاحظة الحكم الموجبة للنهي ما لا يدع موردا للأصل إلا النادر.
ولذا يحكم على من نذر ترك الخمر بالحرمة وإقامة الحد في جميع مرات التكرار، وبالحنث، والكفارة في أول المرات فقط، وهذا بناء على صدق الحنث على سائر المرات.
ولمانع أن يمنع ذلك، ويجعل الحنث كالقتل غير قابل للتكرار، وهو الظاهر إذ تعدد الحنث لا يكون إلا بتعدد المنذور، فلا حنث مع عدم شمول النذر، ولا شك مع الشمول، ومع الشك فالمرجع الأصل.
6 - ينقسم النهي إلى ما ينقسم إليه الأمر، فيكون نفسيا وغيريا، والأول