وبالجملة إن اختلاف المورد لا يصير وجها لاختلاف المسألتين، بل لا بد من اختلاف جهة الكلام، وعلى اختلافهما لا يحتاج إلى التجشم المذكور» (1).
وفي الكفاية بعد نقل عبارة الفصول في المسألة الآتية والتصريح بفساده:
«إن مجرد تعدد الموضوعات وتغايرها بحسب الذوات لا يوجب التمايز بين المسائل ما لم يكن هناك اختلاف الجهات، ومعه لا حاجة أصلا إلى تعددها، بل لا بد من عقد مسألتين مع وحدة الموضوع وتعدد الجهة المبحوث عنها، وعقد مسألة واحدة في صورة العكس كما لا يخفى» (2).
أقول: كلام الفصول ينحل إلى أمرين: أحدهما: شمول النزاع للعموم من وجه، وهذا أمر لم ينفرد به صاحبه، وقد نقله أخوه الإمام عن الفاضل الشيرازي وجمال المحققين، وجنح إليه بقوله: «والوجه العقلي الذي ذكروه جار فيه» (3). ولا أظن بأحد من أهل العلم إذا تأمل وأنصف أن لا يقول بمقاله.
وثانيهما: الفرق بين المسألتين بما أورده عليه بعينه، لكن بعبارة أجلى وأخصر، وكلامه الذي نقلوه ونصبوه هدفا لسهام الاعتراض صريح فيه، فانظر - رعاك الله - بطرف التأمل والإنصاف تجده قد نقل عن معاصره الفرق الموردي بين المسألتين، وبين عدم ارتضائه مرتين، وأرجى بيان الفرق المختار عنده إلى المسألة الآتية.
ثم بين فيها أن الفرق هو تعلق الأمر والنهي في مسألة الاجتماع بطبيعتين متغايرتين، وفي المسألة الأخرى بطبيعة واحدة.
وهل ترى وجها لإناطة البحث بذلك إلا تعدد الجهة؟ ألا يغني الفطن الذي لا يجمد على ظواهر الألفاظ عن التصريح بلفظ الجهة؟ ولا أدري مع ذلك