الرواتب اليومية لا تكون مأمورا بها إلا في فروض نادرة، إذ الغالب مزاحمتها لقضاء حاجة مؤمن، أو صلة رحم ونحوها، على ما هو عليه من البعد.
رابعها:
كما يقع التزاحم بين تكليفين في زمان واحد يقع بينهما أيضا في زمانين، فلو كان مع المكلف من الماء ما يكفي لحفظ نفس واحدة من الهلاك، وحضرته نفس محترمة وعلم بأنه ستحضره أخرى بعد يوم، فهل يجب عليه إنقاذ الحاضرة ولو كانت الثانية أهم منها فيقدم ذمي اليوم على مسلم غد، أو يجري فيه على الأصل السابق فيترك حفظ الحاضرة إذا كانت الثانية أهم منها، ويتخير مع التساوي؟ وجهان.
وبادئ النظر يقتضي الأول نظرا إلى أن حفظها واجب، وجد موضوعه وتحقق شرطه فتحققت فعليته، والثاني لم يجب بعد حتى يزاحم الأول، ولكن يشكل ذلك بما مر بيانه (1) من عدم الفرق بين قسمي الواجب من هذه الجهة، وأن المشروط كالمطلق في وجوب تحصيل مقدماته إذا علم بحصول شرطه في وقته، ومن مقدماته حفظ القدرة لامتثاله فيتزاحمان، ويكون الحكم للعقل، وحكمه ما عرفت.
وهذا أقرب إلى قواعد الصناعة وإن لزم منه في فروع كثيرة ما يصعب الالتزام به، على أن الوجه الأول أيضا لا يسلم من أمثاله، وكيف يحكم الفقيه بتقديم حفظ بهيمة مثلا على حفظ مسلم فقيه علوي بمجرد تقدم الزمان، أو تحقق موضوع تلك قبل ذاك؟ والمسألة محتاجة إلى مزيد تأمل.
خامسها:
ذكرنا سابقا أن المنسوب إلى المحقق الثاني جواز تعلق الأمرين المطلقين بالضدين إذا لم يكونا مضيقين، وقد اختلفت الأنظار في توجيه ذلك، ولتحقيق مرام محقق مثله لا بد من نقل عبارة القواعد أولا، ثم نقل ما يتعلق