الواجب الذي في الذمة، وإنما تجزي إن كانت واجبة مع عدم الترتيب، لامتناع إجزاء غير الواجب عن الواجب، وإنما يعقل الوجوب على التقديرين، والتأثيم على تقدير واحد بخصوصه بناء على ما قدمناه، فلو كان وجوب شيء يقتضي إيجاب ما يتوقف عليه وإن كان مقابله واجبا لامتنع الإجزاء هنا وفي كل موضع أشبهه، وهذا من غوامض التحقيقات» (1) انتهى المقصود من كلامه قدس سره.
والعلامة صاحب البدائع حاول توضيحه، فأطال البيان، وحاصل ما يستفاد منه حمل كلامه على الترتب المشهور المتقدم بيانه. وقد يحمل على ما سبق ذكره أول البحث (2) من تجويز تعلق الأمرين المطلقين بالمتزاحمين إذا لم يكونا مضيقين، ويدعى أن العقل يجوز قول السيد لعبده: أريد منك كنس الدار مع تبين الفجر بلا تأخير، ورشها منه إلى زوال الشمس بأن يكون أول الفجر وقتا للفعلين معا ومختصا بأولها، إذ لا مانع إلا توهم لزوم التكليف بما لا يطاق وهو مفقود في المقام، لتمكن المكلف من امتثال الأمرين معا بتقديم هذا وتأخير ذاك.
وكلا الوجهين بعيدان من كلام هذا المحقق، وأولهما أبعدهما، إذ الترتب المشهور متوقف على مشروطية أحد الأمرين وإطلاق الآخر، وليس في مجموع الكلام المتقدم نقله عين للشرط ولا أثر، وأنا أحاشي هذا الأستاذ عن مثل هذا، وإنما هو من بعض أصحابه الذي تكلف تتميم الكتاب.
وأما الثاني فهو صحيح إن كان المراد صلاحية الوقت للفعلين، ووجود العلاقة اللازم وجودها بين الوقت والموقت فيهما معا، كما في وقت الظهرين والعشاءين على ما نقول به من اشتراك الوقت بينهما في جميع الوقتين وإن لزم