اللبيب، فقال: قد تخرج الهمزة عن معناها الحقيقي فترد لثمانية أمور (1). وقد سبق الكلام فيه في بحث الاستعمال.
أحسنهما (2): الثاني، كما اختاره بعض مشايخنا.
وأقوى أدلة القائلين بوضع الصيغة للوجوب وهو التبادر، لا يدل على أزيد من استحقاق تارك الامتثال الذم والعقاب بمجرد الترك، ولا يدل على أنه لظهور اللفظ في الوجوب، بل التأمل الصحيح يشهد بأن العقلاء لا يسندون الذم على المخالفة إلى ظهور اللفظ في الوجوب، فضلا عن كونه معناه، بل يسندونه إلى مخالفة الطلب ولو لم يكن بصيغة الأمر، ويرون الطلب بنفسه مقتضيا للامتثال، ولا يكترثون باعتذار المأمور بأن الطلب له فردان، ولم أعلم بأن المراد من الطلب هو الفرد الإلزامي.
لا يقال: إن اللازم من هذا البيان الحكم بالوجوب فيما ثبت فيه الطلب بالدليل اللبي، مع أنه لا يحمل عليه إجماعا، ولا شك أنه مورد أصالة البراءة.
لأنا نقول: إن كان مفاد الدليل اللبي صدور اللفظ الدال على الطلب وشبه اللفظ فإنا لا نلتزم بجريان البراءة، بل نقول باتحاد الحال فيه مع غيره، ولا نرى فرقا بين أسباب العلم بالطلب وإن كان مفاده صرف الرجحان والمحبوبية، فمثله لا يوجب الإلزام ولو بسماعه من شفتي الآمر، بل ليس هذا بأمر حقيقة كما سيتضح لك ذلك بما نبينه من معنى الطلب.
(المطلب الثاني): في بيان معاني بعض الألفاظ المستعملة في هذه المباحث كالوجوب والندب.
قد يقال: إن الوجوب أو الإيجاب هو طلب الفعل مع المنع من الترك، والندب طلب الفعل مع عدم المنع عنه، وعلى هذا فالفصل في حد الوجوب