وإن أراد الإخبار بواسطتهم، فلا بحث إلا فيه، إذ الأخبار التي نريد إثبات حجيتها، إخبار عنه تعالى بواسطة النبي صلى الله عليه وآله، وهل هي إلا ما رويناها عن الثقات المأمونين عن الأئمة المعصومين عن سيد المرسلين عن رب العالمين، وكل من روى شيئا منها يصح له أن يقول: قال الله، كما يجوز له أن يقول: قال رسول الله، وكما أن دليل التعبد يجعل قول زرارة قول الصادق عليه السلام يجعله قول الله أيضا، ويجوز ترك ذكر الواسطة كما يرسل الخبر عنه عليه السلام، ويرفع إليه، ولا غضاضة فيه بعد شهادة التأمل بأن كل من أفتى في مسألة بشيء أو أخبر بشيء من أصول الدين وفروعه، فهو مخبر عنه تعالى حقيقة.
وخلاصة القول: أن الإخبار عنه تعالى بلا واسطة لا يعقل فيه غير العلم، حتى يبحث في جواز التعبد به وعدمه، لأنه من النبي يعلم بصدقة، ومن غيره يقطع بكذبه، ومع الواسطة فهو جائز، بل واقع.
ومنه يظهر ما في الجواب السابق من الخلل، لأن التعبد بخبر سلمان عليه السلام عنه تعالى غير ممكن على الوجه الأول، إلا بتكلف، وواقعة أمثاله على الثاني، فما في الحاشية من منع الإجماع أولا، وحجيته ثانيا (1)، مما لا ينبغي.
ثانيهما (2): أن العمل بخبر الواحد موجب لتحريم الحلال وتحليل الحرام، إذ لا يؤمن أن يكون ما أخبر بحرمته حلالا، وبالعكس.
وهذا الوجه - كما في الرسالة (3) - جار في مطلق الظن، بل في مطلق الأمارة وإن لم يفد الظن.