وعد منه ترك البيان في موضعه كجواز الجمع بين فاطميتين، ومفهوم الجمع، كما يفهم الندب أو الكراهة عند تعارض الأدلة، إلى أشياء من هذا النمط ولا قلامة ظفر، إذ المناط في المفهوم أن يدل اللفظ على قضية أخرى يوافقها في الإيجاب والسلب كما في مفهوم الموافقة، أو يخالفها فيهما كما في المخالفة (1)، لا كل ما علم منه ولو بألف عناية خارجية، فجواز الجمع بينهما إن استفيد فهو مستفاد من ترك الإتيان باللفظ لا من اللفظ، وفهم الندب أو الكراهة استفادة من دليلين متعارضين، لا أنه مدلول لأحد اللفظين.
ولك أن تجعل ذلك من باب الاصطلاح الذي لا مشاحة فيه، إذن يسع الخرق ولا يقف على حد.
2 - لا فرق في المنطوق بين الحقيقة والمجاز ضرورة إيجاد المعنى في مثل قولك: إذا مدحك شاعر فصله، وقولك: إذا مدحك فاقطع لسانه، أو احذر الأسد، مريدا تارة معناه الحقيقي، وتارة معناه المجازي من غير فرق بين أن تكون القرينة توقف صدق الكلام وصحته عليه، وبين أن تكون شهادة حال، أو ضميمة مقال، فتكون الدلالة في الأول اقتضائية وفي غيره إيمائية كما في الفصول (2)، ولا بين أن تكون القرينة لفظية أو عقلية، فيندرج الأول في المنطوق الصريح، والثاني في غيره كما عن القوانين (3).
وهذا واضح إذا عرفت حقيقة المجاز، راجع ما كتبناه في مسألتي الوضع والاستعمال ليظهر لك جلية الحال، وأنه لا فرق بينهما في مقام الإرادة الاستعمالية، ولا محل لما فصلاه.
3 - المفهوم من صفات الدلالة أو المدلول؟