في قوله تعالى: حرمت عليكم أمهاتكم (1) خلافا لبعض الأجلة حيث خص الحكم بصيغة النهي، زعما منه أنه صريح في الدلالة على الفساد، وأن فرض الكلام فيما إذا استند التحريم إلى العقد، كأن يقال: يحرم عقد كذا، فتوجه النزاع المعروف إليه غير مسلم وأنت خبير بضعفه فلا حاجة إلى تطويل الكلام فيه» (2) انتهى بألفاظه، على ما فيه من التعقيد والإعضال.
ودونك كلام الفصول بنصه: «ثم قد يتخيل أن النزاع في المقام لا يختص بصيغة النهي، بل يجري فيها وفيما يجري مجراها كلفظ التحريم في قوله تعالى:
حرمت عليكم أمهاتكم (3) الآية، وذكر الصيغة في العنوان وارد على سبيل التمثيل، وضعفه ظاهر لأن المفهوم من إسناد التحريم إلى المذكورات تحريم وطئهن والاستمتاع بهن، وهو صريح في فساد العقد عليهن، لدلالته على نفي ترتب الآثار على عقدهن فلا يكون من مسألة الباب.
نعم لو استند التحريم إلى العقد فقيل: يحرم عقد كذا وكذا، كان من مسألة الباب، لكن دلالته على الفساد حينئذ غير واضحة. وتوجه النزاع المعروف إليه غير ظاهر» (4).
وبيان مراده - على وجه أرجو أن يكون فيه رضا لهذا الفاضل وسائر أهل الفضل - أن النهي الذي وقع الخلاف في دلالته على الفساد هو الذي يتعلق بعنوان عبادة أو معاملة مثلا من غير تصريح بالفساد، نحو: لا تتزوج أمة على حرة أو بنت أخ أو أخت على عمة وخالة، فالخلاف في أن النهي عن الشيء هل يستلزم عقلا أو وضعا أو عرفا الفساد أم لا؟ يخرج منه التصريح بالفساد قطعا.