ثم قال: «وإن كان ذلك أولى مما قيل: هل مفهوم الشرط حجة أم لا، لظهوره في أن النزاع ليس في ثبوت الدلالة، مضافا إلى أن الشرط مما لا موقع له، أما على مصطلح الأصوليين فلعدم تأتي النزاع على تقديره، وأما على مصطلح النحاة فلأن الشرط - عندهم - عبارة عن المقدم في الجملة الشرطية، ولا يطلق على نفس الجملة عندهم» (1).
ولا أعلم مستند ما نقله عن النحاة، والمعهود عندهم - فيما أعلم - إطلاقه على نفس الجملة.
قال في الفصول، بعد تعداد معاني الشرط، ما لفظه:
«وقد يطلق ويراد به الجملة المصدرة بإحدى أدوات الشرط ك (إن) وأخواتها، وهذا هو المراد في المقام، وعليه جرى مصطلح علماء العربية» (2).
ومن الغريب تصريح المقرر بخلاف ما قرره، وذلك قوله بعد بضعة أسطر، ولفظه:
«وله في اصطلاح أرباب النحو معنى آخر، وهو الجملة الواقعة عقيب (إن) وأخواتها» (3).
وأما اعتراضه الأول، فلقائل أن يجيب عنه، فيقول: إن دعاه إلى جعل النزاع في الحجية كون الدلالة - ولو بمرتبة ضعيفة - مما لا ينكره المنكر في أكثر المفاهيم فكيف بمثل الشرط الذي يجعله المقرر منطوقا، وإنما الممنوع عنده وصوله إلى حد الظهور الذي يصلح للاعتماد عليه.