الأخذ بالأصل هاهنا على أنه جزء بل على أنه طريق إلى إحراز العلامة حيث إن المعتبر فيها كون المسلوب هو اللفظ باعتبار مسماه الحقيقي، ولا يحرز كون المراد منه المسمى الحقيقي إلا بهذا الطريق.
ومنها: ما لو علم بالصحة أو عدمها وكون السلب معتبرا بحسب نفس الأمر مع الاشتباه في حال اللفظ أيضا، لعدم تبين جهة الالتفات في القرينة الملتفت إليها، لترددها بين كونها إنما اعتبرت لجهة الصرف أو غيرها من التأكيد ونحوه، فهل هي أيضا ملحقة بالصور المتقدمة أو هي هاهنا نحوها في باب التبادر؟
فإما أن يقال فيها بالتوقف، بناء على أنه لا طريق إلى إحراز كون المسلوب هو اللفظ باعتبار مسماه الحقيقي، من الظهور والأصل المذكورين.
أما الأول: فلطرو الإجمال للفظ لعارض اقترانه بما يتردد بين الصرف وغيره، فلا يظن معه بإرادة المعنى الحقيقي.
وأما الثاني فلوقوع الشك في الحادث بعد تيقن الحدوث، ولا مجرى للأصل معه.
أو يقال: بمنع سقوط الظهور اللفظي، بناء على أنه إنما يعتبر في مورده بالنوع وإنما يعدل عنه إذا قام ظن شخصي معتبر، أو ظن نوعي أقوى منه بخلافه، والقرينة المرددة إنما يصادم الظن الشخصي، وهي غير مفيدة للظن الشخصي بالخلاف، فيبقى الظن النوعي من جهة اللفظ سليما.
أو يقال: بأن احتمال التأكيد ينفى بأولوية التأسيس، ثم ينفي احتمال التعيين بأصالة عدم الاشتراك، فيعود الأمر إلى تعارض المجاز والاشتراك المعنوي.
ويرجح الثاني بغلبة القرائن المفهمة، بدعوى: أن غالب الألفاظ معانيها مفاهيم كلية لا يستعمل فيها تلك الألفاظ إلا وأن يراد منها الأفراد غالبا على طريقة إطلاق الكلي على الفرد، وظاهر أن الخارج الذي يفيد الخصوصية ليس إلا القرينة المفهمة، والمفروض أنها هي الغالب، أوجه أوجهها أوسطها لما سيأتي تحقيقه في بحث أصالة الحقيقة.