الواسطة فيما بين مقدمات الدور عبارة عن المقدمة المتخللة فيما بين الصغرى والكبرى، اللتين تتمايزان بكون الموقوف في إحداهما عين الموقوف عليه في الأخرى، فالأولى هي الصغرى كما أن الثانية هي الكبرى.
ولا ريب أن المتخللة هنا مقدمة واحدة، وهي كون معرفة سلب جميع المعاني الحقيقية متوقفة على معرفة أن المستعمل فيه ليس منها.
ولعل توهم من توهم ذلك نشأ عن أخذ الكبرى إحدى الواسطتين، لأنها مع المقدمة المذكورة متخللة بين الصغرى والنتيجة وهو كما ترى، مع قضائه بسقوط الدور المصرح بالمرة.
وأما من توهمه مضمرا في علامة الحقيقة كبعض الأعلام (1) فقد قرره: بأن معرفة كون اللفظ حقيقة في المورد - كالإنسان في البليد - موقوفة على عدم صحة سلب معانيه الحقيقية عنه، وعدم صحة سلب معانيه الحقيقية عنه موقوف على عدم معنى حقيقي له يجوز سلبه عنه، ومعرفة عدم هذا المعنى موقوفة على معرفة كون اللفظ حقيقة فيه.
ويرد عليه: إن عدم صحة سلب الجميع في قضية لا يصح (2) إما أن يراد به ما يكون مفاده سلب العموم على معنى رفع الإيجاب الكلي، ليكون المعنى: أن علامة الحقيقة أن لا يصح سلب جميع الحقائق سواء صح سلب البعض أو لا، أو يراد به ما يكون مفاده عموم السلب على معنى السلب الكلي، ليكون المعنى: أن علامة الحقيقة أن لا يصح سلب شيء من الحقائق، فإن كان الأول سقط اعتبار الواسطة لعدم الحاجة إليها حينئذ، فإنه يصح العلم بعدم صحة سلب الجميع على هذا الوجه مع العلم بأن للفظ معنى آخر يصح سلبه عن المورد كما هو واضح.
وإن كان الثاني، بطلت المغايرة بين المقدمتين الأولى والثانية، فإن العلم بعدم