فيه بمورد الغالب، مع عدم تضمنه تكذيب أحد من الناقلين، فإن كلا منهم يدعي كون اللفظ حقيقة فيما نقله، ولا ريب في حقيقية اللفظ بالنسبة إلى الكلي وأفراده إذا كان استعماله فيها من باب الإطلاق، وضعف الكل بالنسبة إلى محل البحث واضح، ولا سيما الأخير، فإن كلا من الناقلين على تقدير وجدان العدم إنما يدعي الحقيقية الخاصة، فلم يحصل تصديقهما بالتزام الحقيقية من باب الإطلاق.
خاتمة: إذا ورد عن أهل العصمة من النبي والأئمة (عليهم السلام) نص في بيان أمر لغوي، كما ورد عن النبي (صلى الله عليه وآله) في قصة ابن الزبعري (1) في كون لفظة " ما " لما لا يعقل.
وعن أبي جعفر (عليه السلام) في وجه كون المسح ببعض الرأس، تعليلا بكون " الباء " للتبعيض (2) فجواز التعويل عليه مبني على العلم بالسند، أو ثبوت حجية خبر الواحد بالخصوص، أو الاضطرار إلى العمل به من جهة الاضطرار إلى العمل بالظن في الأحكام، وهذا مما لا إشكال فيه، بل في مفاتيح السيد (رحمه الله) (3): دعوى بناء الأصحاب على العمل بمثل ذلك، المؤذنة بدعوى الإجماع.
نعم ربما يناقش فيه التفاتا إلى عدم كون بيان اللغة من وظيفتهم، وقد تقدم منا ما يدفعه: فإن هذه القضية ليس معناها أن ليس لهم البيان بل ليس عليهم البيان، وإذا ثبت بيانهم فلا يمكن التأمل في اعتباره ومطابقته للواقع لمكان عصمتهم.
وأما لو ورد بيان اللغة في كلام فقيه أو غيره من العلماء غير أئمة اللغة ففي حجيته الكلام المتقدم، فعلى المختار يعتبر العلم، أو الاضطرار إلى العمل بالظن الحاصل منه على تقدير حصوله، من جهة الاضطرار إلى العمل بمطلق الظن في الأحكام.
نعم اتفاق حصول الظن منه لعله نادر بالإضافة إلى ما حصل منه من قول أئمة اللغة، نظرا إلى عدم خبرتهم مع ملاحظة ما يقال: من أن الفقيه متهم في حدسه.