يدفعه: المعارضة بالمثل، فإن عدم الإمكان المفروض إنما ينشأ من اتفاق المزاحمة بين فردي هذا العنوان في مقام العمل، وكما أن المزاحمة متحققة بين الإثباتين والنفيين على تقدير بناء العمل على الإثباتين فكذلك متحققة بين تمام الدعوى من أحدهما وتمامها من الآخر، على تقدير بناء العمل على تمام إحدى الدعويين.
فحينئذ نقول: إن العمل بتمام دعوى أحدهما بعد فرض العمل بتمام دعوى الآخر غير ممكن جزما، فترك العمل به ليس مخالفة للدليل المذكور، فالمتجه حينئذ هو الرجوع إلى الترجيح والأخذ بتمام أحد القولين إن ساعد عليه وجود المرجح من الأمور المتقدم ذكرها تعويلا على الأقربية بالنظر إلى الواقع، فإن قول أهل اللغة على القول المفروض من التعبد به لذاته وإن كان لا يعتبر فيه مراعاة الأقربية، غير أن ذلك إنما هو إذا لوحظ بطبعه ونوعه مع قطع النظر عما يطرئه من موجبات التحير في مقام العمل، وأما مع طرو شيء من ذلك كالتعارض على ما هو مفروض المسألة فلا محيص من مراعاة الأقربية حينئذ، والأخذ بما هو أقرب إلى الواقع كما يرشد إليه التدبر في بناء العقلاء في الأمور التي يؤخذ بها من باب السببية المحضة، كقول أهل الخبرة في جميع الصناعات وغيره. فليتدبر.
ثم إنه لو نقل بعضهم للفظ معنى كليا وخالفه الآخر فذكر له ما يكون فردا له، وثالث فذكر له ما يكون فردا آخر له، أو ذكرهما واحد بتخيل أن كلا منهما موضوع له بالاستقلال، فهل يلتزم حينئذ بتعدد وضع اللفظ حتى يكون له ثلاثة أوضاع، أحدها للكلي والآخرين لفرديه فيكون مشتركا بين الكلي والفرد، أو لا يلتزم إلا بوضع واحد للكلي الجامع بين الفردين، أو يؤخذ بذي المرجح إن وجد، أو يتوقف، أوجه، أوجهها الثاني على فرض عدم الوجدان، أو الثالث في صورة وجدان العدم والوجه ما تقدم.
وقد يطلق في اختيار الوجه الثاني قبالا للوجه الأول استنادا إلى الأصل، وندرة الاشتراك بين الكلي وأفراده، وغلبة الاشتراك المعنوي فيلحق المشكوك