هذا مع ما في التعريف بإحدى العبارتين من تناوله المجازات، فإن سبق المعنى إلى الذهن كسبق الذهن إلى المعنى مما يصدق على فهم المعنى المجازي أيضا.
غاية الأمر، إنه ما يحصل بمعونة القرينة، فالتعريف حينئذ مسامحة في التعبير أو وارد على خلاف التحقيق.
وأضعف منه ما في موائد العوائد من تعريفه: " بانسباق المعنى إلى الذهن بعد التلفظ باللفظ ونحوه " مع تصريحه بانقسامه إلى الغيري، وهو ما يستند إلى القرينة الخارجة من اللفظ، والنفسي وهو ما يستند إلى كثرة الاستعمال وشيوع الإطلاق، الذي يعلم كونه كذلك بالاستقراء أو حمل عليه ترجيحا لمعارضه الأقوى، كصحة السلب، والحقيقي وهو ما يستند إلى حاق اللفظ. وواضح أن علامة الحقيقة مقصور على القسم الأخير.
وجه الأضعفية: إنه إن أريد أن علامة الحقيقة عبارة عن هذا المعنى العام المنقسم إلى هذه الأقسام، فيرده: أن الأعم لا يصلح علامة للأخص.
وإن أريد أن المعنى المصطلح عليه الأصولي هو هذا المعنى العام، وإن اختصت العلامة بأحد أقسامه، فيرده: أن المعلوم بالتتبع في كلماتهم انعقاد اصطلاحهم على ما يكون علامة بالخصوص، وإطلاقه في بعض الأحيان على غيره مبني على التجوز كما يرشد إليه التزام القيد.
ثم إن أكثر كلماتهم تعطي كونه من صفات المعنى، بناء على أخذ " الفهم " في مفهومه بالمعنى المصدري من المبني للمفعول وهو المفهومية بمعنى الانفهام، كما أن بعض كلماتهم لا يأبى عن كونه من صفات الذهن، بناء على أخذ " الفهم " من المبني للفاعل أعني الفاهمية.
وأما ترجيح أول الوجهين تعليلا: بانتفاء ما هو من لوازم السبق الذي هو أمر نسبي لا يتحقق إلا بتحقق منتسبيه السابق والمسبوق، وإذا كان الذهن هو السابق فلا مسبوق له، ومعه يستحيل حقيقة السبق، بخلافه على الوجه الأول إذ السابق