لأنه مقيد فيحمل عليه القول بالأعم لأنه مطلق، بل في موائد العوائد جعل احتمال الأخذ بالأخص وجها من وجوه المسألة استنادا إلى تلك القاعدة، وليس في محله، فإن قضية حمل المطلق على المقيد إنما يلتزم بها لرفع الشبهة في الدلالة، والمقام ليس من مظان تلك الشبهة كما عرفت في المقام الأول، مع أنه مما لا يتصور له معنى، فإن الحمل عبارة عن الحكم بكون المراد من المطلق هو المقيد، بجعل المقيد قرينة عليه، وإنما يصح ذلك إذا كانا من كلام متكلم واحد حقيقي أو حكمي، كما في أخبار الأئمة الأطهار سلام الله عليهم، ولا يصلح مقيد متكلم قرينة على مطلق متكلم آخر، على معنى كونه كاشفا عن إرادته المقيد من المطلق، وتوهم أن الناقلين هنا إنما يخبران عن الواضع الذي هو واحد.
يدفعه أولا: إنه إخبار مبناه على الاجتهاد، فالواقع الصادر من الواضع بحسب نفس الأمر واحد، وهو إما الوضع للمطلق أو الوضع للمقيد، وحصل الاختلاف في فهمه، فلا محالة أحد النقلين خطأ عن الاجتهاد، لا إنهما معا صادران من الواضع، فيحمل أحدهما على الآخر دفعا للتناقض.
وبما قررناه من وجه الجمع يظهر فساد إطلاق ما قيل من أن الواجب في صورة التعارض، الأخذ بما اتفق فيه القولان، وترك ما اختلفا فيه، لأن اللغة توقيفية والتعارض يوجب التساقط، فلم يحصل التوقيف إلا في المتفق عليه.
وقضية ذلك جعل اللفظ في العامين من وجه لمادة اجتماعهما، وفي العام والخاص المطلقين للأخص، فإن الوجه في عدم التعرض لذكر المعنى إذا كان هو عدم الوجدان، فلا تعارض بين القولين في الحقيقة ليوجب التساقط.
نعم لو علم من الخارج كون الوجه في عدم التعرض هو وجدان العدم، فحينئذ يمكن الجمع أيضا بالتزام الاشتراك في الصور الثلاث المذكورة، وبأخذ القول بالأعم في الصورة الأخيرة، لكون القول من كل قائل حينئذ منحلا إلى قضيتين، إيجابية بالنسبة إلى ما أثبته، وسلبية بالنسبة إلى ما نفاه، والجمع المذكور طرح للقضية السلبية عن كل قول.