الحكم بالاشتراك كما هو قضية الجمع بالمعنى المشار إليه، بل هو إرجاع للنقلين إلى ما يرفع المعارضة عما بينهما، وإن كان يستلزم الالتزام بضرب من النقل، وإنما يمكن ذلك فيما لو كان تاريخ أحدهما مع كونهما معلومي التاريخ - متقدما على تاريخ الآخر، وكذا مع الجهل بتاريخ أحدهما لو اعتبرنا أصالة التأخر في نظائر المقام، وفيما تقدم تاريخ نقل المجازية يصدق الناقلان بالتزام النقل التعيني، إذ لا يبعد كون اللفظ في زمان ناقل المجازية مجازا في المعنى الذي حكم بمجازيته، ثم كثر استعمالاته المجازية إلى ما يقرب من زمان ناقل الحقيقية فبلغ حد الحقيقة، بحيث وجده في زمانه حقيقة فيه، ولما كان المجاز لابد له من حقيقة أو معنى موضوع له، فينهض ذلك منقولا منه سواء نقله ناقل المجازية أيضا، أو لم ينقله بملاحظة ما ذكرناه من جوازه.
وفيما تقدم نقل الحقيقية يصدقان أيضا، بالتزام النقل الذي قد يطرء المشترك بين المعنيين، فيما لو غلب في أحدهما على وجه زال أثر الوضع عن الآخر، لكنه يختص بما لو نقل كل منهما معنيين، أحدهما باعتقاد الحقيقية فيهما، والآخر باعتقاد المجازية في أحدهما، إذ لا يبعد أن يكون اللفظ في زمان ناقل الحقيقية مشتركا بين المعنيين فغلب استعماله في أحدهما حتى تعين له خاصة، فإذا جاء ناقل المجازية وجد حقيقة فيه ومجازا في الآخر من دون اطلاع بحالته السابقة، وأما إذا علم تاريخهما مع العلم بالمقارنة، كما لو جهل تاريخهما فلا يمكن الجمع بوجه، وحينئذ لابد من الترجيح بمراجعة المرجحات الراجعة إلى أصل النقل، من الصراحة أو الأظهرية في الدلالة على اعتقاد الحقيقية أو المجازية تقديما للنص أو الأظهر على الظاهر، فيما لو اختلف النقلان من حيث الصراحة والظهور، أو الأظهرية والظهور، أو إلى الناقل فيما لو تساويا من الحيثية المذكورة التفاتا إلى أن لهما من حيث الصراحة والظهور أربع صور، حاصلة من ضربهما بالنسبة إلى نقل الحقيقة فيهما بالنسبة إلى نقل المجاز.
ومن المرجحات الراجعة إلى الناقل العدالة وكثرة العدد، وكثرة التتبع في كلام