المبدأ الذي هو مدلول المادة، وكما أن صدق الألفاظ الغير المشتقة على مواردها منوط بتحقق العناوين المذكورة في تلك الموارد - على ما أشرنا إليه سابقا - لأنها المأخوذة في وضعها، من غير فرق في ذلك بين الصدق الحملي والصدق الإطلاقي وبدون ذلك يستحيل صدقها على وجه الحقيقة، فكذلك الألفاظ المشتقة، فإن صدقها حملا وإطلاقا على مواردها - على ما هو معلوم بضرورة من اللغة والعرف وتتبع موارد الاستعمالات، وملاحظة الأمارات الكاشفة عن الوضع المميزة بين الحقائق والمجازات - منوط بتحقق ما أخذ في وضعها من الذات والنسبة، بمعنى الارتباط الواقعي فيها، وبدونه يستحيل الصدق إلا على وجه المجاز، وظني أن هذا من الواضحات التي لا تحتاج إلى البيان.
نعم لابد من النظر فيما به يتحقق الارتباط الواقعي بين الذات والوصف الذي يضاف إليها.
والكلام فيه تارة: في تشخيص ما يتحقق به الارتباط حدوثا، على معنى بيان علته المحدثة.
وأخرى: في تحقيق ما يتحقق به بقاء.
أما الأول: فالذي يساعد عليه النظر، إن ما به حدوث النسبة الواقعية إنما هو وجود المبدأ ودخوله في ظرف الخارج، لا على أن وجوده مأخوذ في وضعه، فإنه خلاف ما يساعد عليه وضعه المادي والهيئي معا، بل على أنه محقق للنسبة المأخوذة في وضع الهيئة، وأ نه علة محرزة للموضوع له من دون كونه جزءا منه، فيكون اعتباره من باب الخارج اللازم.
وبالجملة: تحقق النسبة الواقعية بجميع جهاتها من الفاعلية والمفعولية والمكانية والزمانية والآلية وغيرها بحكم ضرورة الوجدان منوط بدخول المبدأ في الوجود الخارجي، وبدونه لا نسبة ولا ربط بين الذات والمبدأ المأخوذ منه المشتق كائنا ما كان، فيكون إطلاقه عليها حيثما صح واردا على وجه المجاز، ومنه استعماله فيمن لم يتلبس بعد، المعبر عنه " بالمستقبل " المتفق على مجازيته،