ولا ريب أن الجوامد كأسماء الأجناس ونحوها لم يؤخذ في وضعها إلا ماهيات بسيطة لم يؤخذ معها وصف ولا نسبة ولا زمان، كما لم يلاحظ شيء منها في لحاظ الوضع، ولا ينافيه كونها عند العقل مركبات عن أجناس وفصول هي أجزاء ذاتية لها، لأنها ليست ملحوظة عند الوضع ولا معتبرة في لحاظه.
ومناط البحث كون المعنى باعتبار الوضع مركبا عن ذات ووصف زائد عليها بحيث لو زال الوصف كان الذات بحسب الخارج على ما هي عليه، وليس شيء من معاني الجوامد من هذا القبيل.
وما يقال - في تفسير " الرجل " مثلا - من: أنه ذات ثبت له الرجولية، ليس مبناه على تحقق التركيب الوضعي في معنى رجل، الحاصل بين الذات والوصف هو الرجولية، لأن هذا الوصف ليس أمرا زائدا على الذات، بل هو أمر اعتباري ينتزعه العقل من باب التوسع في التعبير عن الذات بعد ما وضع له اللفظ باعتبار هذا العنوان، كيف ولا ذات له سوى الرجولية بحيث لو زالت أوجب زوالها زوال الذات بالمرة، ولذا يصح سلب الاسم على ما بيناه في الوجه الأول.
وأما استظهار التعميم مما تقدم من مسألة الرضاع فلعله ليس على ما ينبغي، لعدم دلالة في التعليل المذكور على أنه وقع باعتقاد أن " الزوجة " من الجوامد - كما يومئ إلى خلافه التعبير بالمشتق - فمن الجائز ابتنائه على اعتقاد كونها مع " الزوج " من المشتقات على حد " الصعب والصعبة " ونحوهما من صيغ الصفة المشبهة، كما ربما يشعر به لحوق أداة التأنيث الفارقة بين ما يقع على المذكر وما يقع على المؤنث الذي هو من خصائص المعنى الاشتقاقي الوصفي، على ما قرر في محله في الفرق بين الجامد والمشتق من أن الأول ما كان فارغا عن الضمير والثاني ما كان متحملا له، بناء على أن أداة التأنيث إنما تعتبر للدلالة على تأنيث المضمر، ومن هنا جاء اشتراط مطابقة الخبر للمبتدأ إذا كان مشتقا غير رافع للظاهر، وحينئذ فيمكن الالتزام بكون " الزوج " ومؤنثه في هذا المورد للمعنى الوصفي الاشتقاقي " كالمتزوج والمتزوجة " أو " المزوج والمزوجة " إما بحسب أصل اللغة أو بحسب العرف، ولو من باب النقل المستند إلى الغلبة.