اختلافهم في اعتبار الماضي المتنازع فيه، والمستقبل المتفق على مجازيته، فإن من يعتبر الحال بالمعنى الأول يعتبرهما بالإضافة إلى الحال بهذا المعنى ومن يعتبره بالمعنى الثاني يعتبرهما بالإضافة إليه بهذا المعنى، ولأجل ذا قد يتخيل إن ها هنا نزاعين: أحدهما في تحقيق معنى الحال، والآخر: في تحقيق معنى الماضي والمستقبل، ولكنه وهم، لكون الثاني من متفرعات الأول لا أنه نزاع آخر غيره.
والتحقيق في ذلك: هو مختار الجماعة، لوضوح أن الوضع للذات المتصفة لا يقتضي إلا اعتبار حال الاتصاف، وكونه في زمان النطق مما لا مدخل له في الوضع، مع أنه لا مستند له إلا توهم تبادر الحال في مثل " زيد قائم " و " عمرو قاعد ".
وهذا كما ترى خلط بين مقتضى المشتق وما هو من مقتضيات القضية الحملية التي يغلب عليها الحكم بثبوت المحمول للموضوع في زمان النطق، كما يرشد إليه تبادره من نحو " زيد إنسان " و " هذا ماء " مضافا إلى بعد كونه في مثل " كان زيد قائما " أو " يصير قائما " مجازا في الغاية، ومن هنا لا يظن قائلا بذلك، ولعل من فسر الحال بحال النطق لا يريد به ما ينافي اعتبار حال الاتصاف والنسبة.
ولذا قد يوجه كلامه تارة: بإرادة التلازم الغالبي، فإن الغالب من مواقع المشتق في الاستعمالات إنما هو القضايا، والغالب فيها الحمليات، والغالب فيها الحاليات التي يحكم فيها بثبوت المحمول حال النطق، فالتفسير به إنما هو للتلازم الغالبي بينهما.
وأخرى: بحمل " النطق " في كلامه على إرادة الحمل، جريا على ما عن بعض أهل المعقول من إطلاقه عليه، على حد القول الذي هو في مصطلحهم يطلق على الحمل، ولا معنى لحال النطق بمعنى حال الحمل إلا حال النسبة.
ثم إنه بناء على المختار فزمان وجود المبدأ إما زمان الحال أو الزمان الماضي أو الزمان المستقبل، وإذا اعتبرنا هذه الثلاث بالإضافة إلى حال النسبة والاتصاف الذي قد يصادف زمان النطق وقد يصادف ما بعده وقد يصادف ما قبله