وفيه: إن السلب في صحة السلب وعدمها تابع لما يقصد من اللفظ، فإن قصد إرجاع السلب إلى التلبس بمعنى وجود المبدأ في الذات فصحته مسلمة، غير أنه لا يقضي بعدم صدق اللفظ باعتبار ما بقي بعد الانقضاء من الارتباط الواقعي، وهذا معنى ما قيل: من أن نفي الخاص والمقيد لا يستلزم نفي العام والمطلق، والمشتق يصدق على المنقضي باعتبار عموم الارتباط لا باعتبار خصوص بقاء التلبس، وإن قصد إرجاعه إلى أصل الارتباط، ليكون مفاده إن الذات لا ربط بينها وبين المبدأ الموجود منها بعد انقضائه.
ففيه: إنه كذب وفرية، بل دعوى صحة السلب على هذا التقدير مدافعة لضرورة الوجدان.
ومنها: إنه لولا اشتراط البقاء لزم اجتماع المتضادين في نحو " الأبيض " و " الأسود " و " النائم " و " اليقظان " واللازم باطل.
وفيه: إن عدم الصدق في نحو هذه الأمثلة ليس لاجتماع المتضادين، كيف والقائل بعدم اشتراط البقاء لو التزم فيها أيضا بالصدق لا يعتبره على وجه يستتبع لهذا المحذور، فإنه إنما يلزم لو اعتبر في صدق المشتقين فعلية حصول المبدئين لأنهما متضادان، وهذا كما ترى ينافي قوله: بعدم اشتراط البقاء، الراجع إلى عدم لزوم فعلية وجود المبدأ حين صدق المشتق، بل إنما يعتبر على وجه ينوط الصدق في أحدهما بإرادة الذات المتصفة بمبدئه الموجود حال الإطلاق وفي الآخر بمبدئه الذي وجد في سابق الزمان.
وأما على ما قررناه فلا نلتزم بالصدق، لعدم بقاء ما أخذ في وضعه بطرو رافعه وهو الوصف الوجودي.
وبالجملة: هذا هو الجهة في عدم الصدق لا ما ذكره المستدل من لزوم اجتماع المتضادين، فإنه لو كانت الجهة هي هذه الشبهة لتطرق المنع إلى الملازمة بنحو ما بيناه.
ومنها: أن حال المشتقات كالجوامد في اعتبار فعلية الاتصاف بمبادئها.