ومنها: وجوه أخر واضحة الضعف، مثل: انها لو كانت أسامي للصحيحة لم يلحقها تقييد بخلاف ما لو كانت للأعم للزومها تقييدات كثيرة غاية الكثرة، وظاهر ان الواحد منها خلاف الأصل فضلا عن الكثير.
وإن الفقهاء يفسرون هذه الماهيات بألفاظ مجملة، كقولهم: " الصلاة اسم للأركان المخصوصة، والصوم لإمساك مخصوص، والزكاة لإخراج مال مخصوص، والحج لمناسك مخصوصة مؤداة في مشاعر مخصوصة " فإن ذلك يقضي بكونها عندهم مجملة، وهو من لوازم الصحيحة إذ لا إجمال على غيرها، وإن تقسيماتهم الماهيات إلى الواجب والمندوب، في قولهم: " الوضوء إما واجب أو مندوب مثلا " ظاهرة في انحصارها فيهما، وإنه ليس لها قسم سواهما وإلا أدرجوه في التقسيم.
ولا ريب أن الفاسد ليس بواجب ولا مندوب فيكون خارجا عن المقسم، وإنهم اتفقوا على أن الفاتحة والركوع والسجود ونحوها من أجزاء الصلاة، وان الطهارة والاستقبال وسترة العورة من شرائطها، وظاهر أن الجزء والشرط ما ينتفي بانتفائه الكل والمشروط، فدعوى إن هذه الأمور ليست من الأجزاء والشرائط تخالف الإجماع، كما أن القول بأن الكل والمشروط لا ينتفيان بانتفاء الجزء والشرط ينافي الضرورة والوجدان.
نعم رجوعهما إلى المطلوب دون الماهية وإن كان ممكنا، غير أنه مما يكذبه ظهور كلامهم في رجوعهما إلى الماهية.
وقد يقرر وجه الظهور: بأن قولهم: " يجب في الوضوء أو في الصلاة كذا وكذا، وتشترط فيهما كذا وكذا " يعطي الدخول في الماهية كظهور لفظة " في " في الظرفية، فإن معنى كون الشئ في الشئ دخوله فيه، وإن هذه الألفاظ قد كثر استعمالها في الصحيحة الجامعة للأجزاء والشرائط سيما في حيز الطلب.
ومن البعيد عدم بلوغها مع تلك الكثرة حد الحقيقة، وضعف هذه الوجوه يظهر بالتأمل في كلماتنا السابقة.